ويقال شهود جريان التقدير يخفف على العبد تعب كلّ عسير.
قوله: «هُوَ مَوْلانا» : تعريف للعبد أن له- سبحانه- أن يفعل ما يريد، لأنه تصرف مالك الأعيان فى ملكه، فهو يبدى ويجرى ما يريد بحقّ حكمه.
ثم قال: «وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ» : وأول التوكل الثقة بوعده، ثم الرضا باختياره، ثم نسيان أمورك بما يغلب على قلبك من أذكاره.
ويقال التوكل سكون السّرّ عند حلول الأمر ونهاية التفويض، وفيها يتساوى الحلوّ والمرّ، والنعمة والمحنة.
قوله جل ذكره:
[سورة التوبة (٩) : آية ٥٢]
قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (٥٢)
بيّن الله فى هذه الآية الفرق بين المؤمنين وبين الكفار، فقال قل للذين ينتظرون:
أيها الكفار (إن كان «١» ) من شأن المؤمنين وقوع الدائرة عليهم فى القتال، أو أنّ القتل ينالهم فأىّ واحد من الأمرين ينالهم فهو لهم من الله نعمة لأنّا إن ظفرنا بكم فنصر وغنيمة، وعزّ للدّين ورفعة، وإن قتلنا فشهادة ورحمة، ورضوان من الله وزلفى. وإن كان الذي يصيبنا فى الدنيا هزيمة ونكبة، فذلك موجب للأجر والمثوبة، فإذا لن يستقبلنا إلا ما هو حسني ونعمة.
وأمّا أنتم، فإن ظفرنا بكم فتعجيل لذلّكم ومحنة، وإن قتلتم فعقوبة من الله وسخطة، وإن كانت اليد لكم فى الحال فخذلان من الله، وسبب عذاب وزيادة نقمة.
ويقال «هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ» إمّا قيام بحقّ الله فى الحال فنكون بوصف الرضاء وهو- فى التحقيق- الجنّة الكبرى، وإمّا وصول إلى الله تعالى فى المآل بوصف الشهادة، ووجدان الزلفى فى العقبى وهى الكرامة العظمى.