أجيراننا ما أوحش الدار بعدكم إذا غبتم عنها ونحن حضور!
ويقال قوم يطيب مسكنهم بوجود عطائه، وقوم يطيب مسكنهم بشهود لقائه، وأنشدوا:
وإنّى لأهوى الدار لا يستقرّ لى بها الودّ إلا أنّها من دياركا
ثم قال: «وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ» : وأمارة أهل الرضوان وجدان طعمه فهم فى روح الأنس، وروح الأنس لا يتقاصر عن راحة دار القدس بل هو أتمّ وأعظم.
قوله جل ذكره:
[سورة التوبة (٩) : آية ٧٣]
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٧٣)
دعا نبيّنا- صلى الله عليه وسلم- كافة الخلق إلى حسن الخلق.
قال لموسى عليه السلام: «فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّناً» «١».
وقال لنبيّنا- صلى الله عليه وسلم-: «وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ» «٢» ويقال إنما قال هذا بعد إظهار الحجج، وبعد ما أزاح عذرهم بأيام المهلة ففى الأول أمره بالرّفق حيث قال: «إِنَّما أَعِظُكُمْ بِواحِدَةٍ»
«٣»، فلما أصروا واستكبروا أمره بالغلظة عليهم. والمجاهدة أولها اللسان لشرح البرهان، وإيضاح الحجج والبيان، ثم إن حصل من العدوّ جحد بعد إزاحة العذر، فبالوعيد والزجر، ثم إن لم ينجع الكلام ولم ينفع الملام فالقتال والحرب وبذل الوسع فى الجهاد.
قوله جل ذكره:
[سورة التوبة (٩) : آية ٧٤]
يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَما نَقَمُوا إِلاَّ أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَما لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٧٤)
(١) آية ٤٤ سورة طه.
(٢) آية ٩ سورة التحريم.
(٣) آية ٤٦ سورة سبأ.


الصفحة التالية
Icon