وهم أصحاب الأعذار- فى قول أهل التفسير- طلبوا الإذن فى التأخر عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فى غزوة تبوك فسقط عنهم الّلوم.
أما الذين تأخروا بغير عذر فقد توجّه عليهم اللوم، وهو لهم فى المستقبل الوعيد.
قوله جل ذكره:
[سورة التوبة (٩) : آية ٩١]
لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١)
قيمة الفقر تظهر عند سقوط الأمر، ولو لم يكن فى القلة خير إلا هذا لكفى لهذا بهذا فضيلة بقوا فى أوطانهم ولم يتوجّه عليهم بالجهاد أمر، ولا بمفارقة المنزل امتحان. واكتفى منهم بنصيحة القلب، واعتقاد أن لو قدروا لخرجوا.
وأصحاب الأموال امتحنوا- اليوم- يجمعها ثم بحفظها، ثم ملكتهم محنتها حتى شقّت عليهم الغيبة عنها، ثم توجّه اللوم عليهم فى ترك إنفاقها، ثم ما يعقبه- غدا- من الحساب والعذاب يربو على الجميع.
وإنّما رفع الحرج عن أولئك «١» بشرط وهو قوله: «إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ» فإذا لم يوجد هذا الشرط فالحرج غير مرتفع عنهم.
قوله: «ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ» : المحسن الذي لا تكون للشرع منه مطالبة لا فى حقّ الله ولا فى حقّ الخلق «٢».
(٢) لأنه قد استوفى جميع المطالبات ولم يتبق عليه شىء.