القوة في المكث، لكنه يقبل الانجبار بالماء إذ تنجبر به طينته فإذا جاد الحقّ عليه بماء الجود أعاده بعد انكساره بالذنوب «١».
وإذا كان لا يخفى عليه- سبحانه- شىء من أحوالهم في ابتداء خلقتهم، فمن يبال أن يخلق من يعلم أنه يعصى فلا يبالى أن يغفر لمن رآه يعصى «٢».
قوله جل ذكره:
[سورة فاطر (٣٥) : آية ١٢]
وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢)
لا تستوى الحالتان: هذه إقبال على الله، واشتغال بطاعته، واستقلال بمعرفته.. وهذه إعراض عن الله، وانقباض عن عبادته، واعتراض- على الله- فى قسمته وقبضته. هذه سبب وصاله، وهذه سبب هجره وانفصاله، وفي كلّ واحدة من الحالتين يعيش أهلها، ويزجى أصحابها وقتها. ولا يستوى الوقتان: هذا بسط وصاحبه في روح، وهذا قبض وصاحبه في نوح. هذا خوف وصاحبه في اجتياح، وهذا رجاء وصاحبه في ارتياح. هذا فرق وصاحبه بوصف العبودية، وهذا جمع وصاحبه في شهود الربوبية.
«وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها» : كذلك كلّ يتقرّب فى حالته لربّه ويتزيّن على بابه، وهو حليته التي بها يتحلى من طرب أو حرب، من شرف أو تلف.
(٢) أي أن معصية العبد من العبد عملا- وفي هذا إثبات لحرية الإنسان واختياره- وإن كانت من الله علما...
وهو من قبل ومن بعد غافر الذنب وقابل التوب. [.....]