أمّا المؤمن فهو خالص لله عزّ وجلّ، يشبه «عبدا سلما لرجل» أي ذا سلامة من التنازع والاختلاف.
ويقال «رَجُلًا فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ» تتجاذبه أشغال الدّنيا، شغل الولد وشغل العيال، وغير ذلك من الأشغال المختلفة والخواطر المشتّتة.
أمّا المؤمن فهو خالص لله ليس لأحد فيه نصيب ولا للدنيا معه سبب إذ ليس منها شىء، ولا للرضوان معه شغل «١»، إذ ليس له طاعات يدلّ بها، وعلى الجملة فهو خالص لله، قال تعالى لموسى: «وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي» «٢» أي أبقيتك لى حتى لا تصلح لغيرى.
«الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ» : الثناء له، وهو مستحقّ لصفات الجلال.
قوله جل ذكره:
[سورة الزمر (٣٩) : الآيات ٣٠ الى ٣١]
إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ (٣١)
نعاه- عليه السلام- إليه. ونعى المسلمين إليهم ففزعوا بأجمعهم من ماثمهم «٣»، ولا تعزية في العادة بعد ثلاث. ومن لم يتفرّغ من مآثم نفسه وأنواع همومه، فليس له من هذا الحديث «٤» شمّة، فإذا فرغ قلبه من حديث نفسه، وعن الكون بجملته فحينئذ يجد الخير من ربّه، وليس هذا الحديث إلا بعد فنائهم عنهم، وأنشد بعضهم:
(٢) آية ٤١ سورة طه.
(٣) هكذا في ص وهي مقبولة لتناسب الخصومة التي سيترتب عليها في الآخرة الاختصام.
(٤) يقصد حديث الفناء عن كل أرب وسيب، أي الفناء بالمعنى الصوفي. [.....]