التبسّم من الملوك يندر لمراعاتهم حكم السياسة، وذلك يدلّ على رضاهم واستحسانهم لما منه يحصل التبسّم، فلقد استحسن سليمان من كبير النمل حسن سياسته لرعيته.
وفي القصة أنه استعرض جنده ليراهم كم هم، فعرضهم عليه، وكانوا يأتون فوجا فوجا، حتى مضى شهر وسليمان واقف ينظر إليهم معتبرا فلم ينتهوا، ومرّ سليمان عليه السلام.
وفي القصة: أن عظيم النمل كان مثل البغل في عظم الجثة، وله خرطوم. والله أعلم.
قوله جل ذكره: «رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ».
في ذلك دليل على أن نظره إليهم كان نظر اعتبار، وأنه رأى تعريف الله إياه ذلك، وتنبيهه عليه من جملة نعمه التي يجب عليها الشكر.
وفي قوله: «وَعَلى والِدَيَّ» دليل على أنّ شكر الشاكر لله لا يختص بما أنعم به عليه على الخصوص، بل يجب على العبد أن يشكر الله على ما خصّ وعمّ من نعمه.
قوله جلّ ذكره: «وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ».
سأل حسن العاقبة لأنّ الصالح من عباده من هو مختوم له بالسعادة.
قوله جل ذكره:
[سورة النمل (٢٧) : آية ٢٠]
وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (٢٠)
تطلّبه فلمّا لم يره تعرّف ما سبب تأخره وغيبته.
ودلّ ذلك على تيقظ سليمان في مملكته، وحسن قيامه وتكفله بأمور أمته ورعيته، حيث لم تخف عليه غيبة طير هو من أصغر الطيور لم يحضر ساعة واحدة.. وهذا أحسن ما قيل.
ثم تهدّده إن لم يكن له عذر بعذاب شديد، وذلك يدلّ على كمال سياسته وعدله فى مملكته.