فمضى الهدهد، وألقى الكتاب إليها كما أمر، وانتحى إلى جانب ينتظر ماذا يفعلون وبماذا يجاب.
قوله جل ذكره:
[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٢٩ الى ٣١]
قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ (٢٩) إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣٠) أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ (٣١)
«كِتابٌ كَرِيمٌ» الكرم نفى الدناءة، وقيل لأنه كان مختوما «١»، وقيل لأنّ الرسول كان طيرا فعلمت أنّ من تكون الطير مسخّرة له لا بدّ أنه عظيم الشأن. وقيل:
لأنه كان مصدّرا ببسم الله الرّحمن الرّحيم. وقيل لأنه كتب فيه اسم نفسه أولا ولم يقل:
إنه من سليمان إلى فلانة. ويقال لم يكن في الكتاب ذكر الطمع في الملك بل كان دعاء إلى الله: «أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ».
ويقال أخذ الكتاب بمجامع قلبها، وقهرها فلم يكن لها جواب، فقالت: «إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ» فلمّا عرفت قدر الكتاب وصلت باحترامها إلى بقاء ملكها، ورزقت الإسلام وصحبة سليمان.
ويقال إذا كان الكتاب كريما لما فيه من آية التسمية فالكريم من الصلاة ما لا يتجرّد عن التسمية، وإذا تجرّدت كان الأمر فيها بالعكس.
قوله جل ذكره:
[سورة النمل (٢٧) : آية ٣٢]
قالَتْ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي ما كُنْتُ قاطِعَةً أَمْراً حَتَّى تَشْهَدُونِ (٣٢)
«٢».

(١) يقال إنه طبعه بالمسك وختمه بخاتمه. قال صلى الله عليه وسلم: «كرم الكتاب ختمه» وقيل من كتب إلى أخيه كتابا ولم يختمه فقد استخفّ به.
(٢) (حتى تشهدون) بكسر النون، أما الفتح فلحن لأن النون إنما تفتح في موضع الرفع وهذا في موضع النصب لأن ما سبق «حتى» أسلوب طلبى، فالفعل ينصب بعدها بأن مضمرة. وأصله «تشهدونى» فحذفت النون الأولى للنصب، والياء لدلالة الكسرة.


الصفحة التالية
Icon