يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ الآية. فحصل أن ذلك من باب تخصيص العموم أو بيان المجمل.
وقال في قوله وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا ما ظَهَرَ مِنْها [النور: ٣١] أنه منسوخ بقوله: وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ [النور: ٦٠] الآية، وليس بنسخ وإنما هو تخصيص لما تقدم من العموم.
وعن أبي الدرداء وعبادة بن الصامت في قوله تعالى: وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ [المائدة: ٥] أنه ناسخ لقوله: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام: ١٢١] فإن كان المراد أن طعام أهل الكتاب حلال وإن لم يذكر اسم الله عليه فهو تخصيص للعموم.
وإن كان المراد طعامهم حلال بشرط التسمية فهو أيضا من باب تخصيص.
لكن آية الأنعام هي آية العموم المخصوص في الوجه الأول، وفي الثاني بالعكس.
وقال عطاء في قوله تعالى: وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ [الأنفال: ١٦] أنه منسوخ بقوله: إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ [الأنفال: ٦٥] إلى آخر الآيتين، وإنما هو تخصيص وبيان لقوله وَمَنْ يُوَلِّهِمْ فكأنه على معنى وَمَنْ يُوَلِّهِمْ وكانوا مثلي عدد المؤمنين، فلا تعارض ولا نسخ بالإطلاق الأخير، والأمثلة كثيرة. انتهى.
وسيأتي في تفسير قوله تعالى: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ [البقرة: ١٠٦] زيادة على ما هنا بعونه تعالى.
٦- قاعدة في القراءة الشاذة والمدرج:
قال أبو عبيد في فضائل القرآن: المقصد من القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها. كقراءة عائشة وحفصة «والصلاة الوسطى صلاة العصر» وقراءة ابن مسعود «فاقطعوا أيمانهما» وقراءة جابر «فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم».
قال: فهذه الحروف وما شاكلها قد صارت مفسرة للقرآن. وقد كان يروى مثل هذا عن التابعين في التفسير فيستحسن. فكيف إذا روي عن كبار الصحابة، ثم صار في نفس القراءة، فهو أكثر من التفسير وأقوى؟ فأدنى ما يستنبط من هذه الحروف