المقيّد، وكذا ما ورد في السنة وصحّ عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في هذا الباب فإنه يبيّن ما يراد في هذه الآية وآية المائدة.
وقد رويت أحاديث من طرق متعددة بأنه: لا يقتل حرّ بعبد.
كالأحاديث والآثار القاضية بأنه يقتل الذكر بالأنثى. فالتعويل على ذلك.
وبالجملة: فقوله تعالى: الْحُرُّ بِالْحُرِّ... إلخ لا يفيد الحصر البتة، بل يفيد شرع القصاص بين المذكورين من غير أن يكون فيه دلالة على سائر الأقسام. هذا ما اعتمدوه، والله أعلم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ١٧٩]
وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩)
وقوله تعالى:
وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ كلام في غاية الفصاحة والبلاغة لما فيه من الغرابة، حيث جعل الشيء محل ضدّه، فإن القصاص قتل وتفويت للحياة. وقد جعل مكانا وظرفا للحياة، وعرّف القصاص ونكر الحياة، ليدل على أن في هذا الجنس من الحكم- الذي هو القصاص- حياة عظيمة. وذلك أنهم كانوا يقتلون بالواحد الجماعة.
وكم قتل مهلهل بأخيه حتى كاد يفني بكر بن وائل! وكان يقتل بالمقتول غير قاتله، فتثور الفتنة، ويقع بينهم التناحر..! فلما جاء الإسلام بشرع القصاص كانت فيه حياة أي حياة..! أو نوع من الحياة، وهي الحياة الحاصلة بالارتداع عن القتل لوقوع العلم بالاقتصاص من القاتل، لأنه إذا همّ بالقتل، فعلم أنه يقتص منه فارتدع، سلم صاحبه من القتل، وسلم هو من القود. فكان القصاص سبب حياة نفسين..! هذا ما يستفاد من (الكشاف).
لطيفة:
اتفق علماء البيان على أنّ هذه الآية- في الإيجاز مع جمع المعاني- بالغة إلى أعلى الدرجات..! وذلك لأنّ العرب عبّروا عن هذا المعنى بألفاظ كثيرة، كقولهم:
قتل البعض إحياء للجميع، وقول آخرين: أكثروا القتل ليقلّ القتل. وأجود الألفاظ المنقولة عنهم في هذا الباب قولهم القتل أنفى للقتل وقد كانوا مطبقين على استجادة معنى كلمتهم واسترشاق لفظها..! ومن المعلوم لكلّ ذي لبّ أنّ بينها وبين ما في القرآن كما بين الله وخلقه! وأنّى لها الوصول إلى رشاقة القرآن وعذوبته..!
قال في (الإتقان) وقد فضلت هذه الجملة على أوجز ما كان عند العرب في