البيع. أبا يحيى! ربح، أبا يحيى..! ونزلت وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ.... الآية.
وأخرج الحاكم في (المستدرك) نحوه من طريق ابن المسيب عن صهيب موصولا. وأخرجه أيضا من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت عن أنس. وفيه التصريح بنزول الآية، وقال صحيح على شرط مسلم وروي أنها نزلت في صهيب وغيره. كما روي في نزول الأولى روايات ساقها بعض المفسّرين.
ولا تنافي في ذلك، لأنّ قولهم نزلت في كذا، تارة يراد به أنّ حالا مّا كان سببا لنزولها، بمعنى أنها ما نزلت إلّا لأجله! وهذا يعلم إمّا من إشعار الآية بذلك، أو من رواية صحّ سندها صحّة لا مطعن فيه. وتارة يراد به أنها نزلت بعد وقوع شأن ما تشمله بعمومها. فيقول الراوي عقيب حدوث ذلك الشأن:
نزلت في كذا، والمراد أنها تصدق عليه لا أنّ ذلك الشأن كان سببا للنزول | وما روي في هذه الآية من هذا القبيل. |
وقد قدّمنا أنّ سبب النزول مما يدخله الاجتهاد. وأنّ لا يعول منه إلّا على ما صحّ سنده. وما نزل عنه وارتقى عن درجة الضعف يتفقّه فيه.. فاحرص على هذا التحقيق، وقد أسلفنا في (المقدّمة) البحث فيه مستوفى. وبالله التوفيق.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ٢٠٨]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٠٨)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ- بكسر السين وفتحها مع إسكان اللام فيهما قراءتان سبعيتان- أي: في الإسلام. قال امرؤ القيس بن عابس:
فلست مبدّلا بالله ربّا | ولا مستبدلا بالسّلم دينا..! |
دعوت عشيرتي للسّلم لمّا | رأيتهم تولّوا مدبرينا..! |