قال الحافظ في (الفتح) : وأما رواية الآباط فقال الشافعيّ وغيره: إن كان ذلك وقع بأمر النبيّ ﷺ فكل تيمم صح للنبيّ ﷺ بعده فهو ناسخ له. وإن كان وقع بغير أمره فالحجة فيما أمر به.

فصل


والحق الوقوف في صفة التيمم على ما ثبت في الصحيحين «١» من حديث عمار، من الاقتصار على ضربة واحدة للوجه والكفين.
قال عمار: أجنبت فلم أصب الماء. فتمعكت في الصعيد وصليت. فذكرت ذلك للنبيّ ﷺ فقال: إنما كان يكفيك هكذا. وضرب النبيّ ﷺ بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه
. متفق عليه.
وفي لفظ: إنما كان يكفيك أن تضرب بكفيك في التراب ثم تنفخ فيهما ثم تمسح بهما وجهك وكفيك إلى الرسغين. رواه الدّارقطنيّ.
وروى الإمام أحمد وأبو داود «٢» عن عمار بن ياسر أن النبيّ ﷺ قال في التيمم ضربة للوجه واليدين.
وفي لفظ: إن النبيّ ﷺ أمره بالتيمم للوجه والكفين. رواه الترمذيّ «٣»
وصححه.
قال ابن عبد البر: أكثر الآثار المرفوعة عن عمار ضربة واحدة. وما روي عنه من ضربتين فكلها مضطربة. وأما الجواب عن المتفق عليه من حديث عمار بأن المراد منه بيان صورة الضرب، وليس المراد منه جميع ما يحصل به التيمم- فتكلف واضح، ومخالفة للظاهر.
وقد سرى هذا إلى العلامة السنديّ في (حواشي البخاريّ) حيث كتب على
(١)
أخرجه البخاريّ في: التيمم، ٤- باب المتيمم هل ينفخ فيهما؟ حديث ٢٣٣ ونصه: عن عبد الرحمن بن أبزى قال: جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال: إني أجنبت فلم أصب الماء. فقال عمّار ابن ياسر لعمر بن الخطاب: أما تذكر أنا كنا في سفر، أنا وأنت. فأما أنت فلم تصلّ. وأما أنا فتمعكت فصليت. فذكرت للنبيّ صلى الله عليه وسلم. فقال النبيّ ﷺ «إنما كان يكفيك هكذا» فضرب النبيّ ﷺ وأخرجه مسلم في: الحيض، حديث ١١٢.
(٢) أخرجه أبو داود في: الطهارة، ١٢١- باب التيمم، حديث ٣٢٧.
(٣) أخرجه الترمذيّ في: الطهارة، ١١٠- باب ما جاء في التيمم.


الصفحة التالية
Icon