قطعا أن النبيّ ﷺ لم يفعله. ولا علّمه أحدا من أصحابه. ولا أمر به ولا استحسنه.
وهذا هديه. إليه التحاكم. وكذلك لم يصح عنه التيمم لكل صلاة. ولا أمر به. بل أطلق وجعله قائما مقام الوضوء. وهذا يقتضي أن يكون حكمه حكمه، إلا فيما اقتضى الدليل خلافه. انتهى.
السابعة- ذكر هنا الحافظ ابن كثير سبب مشروعية التيمم قال: وإنما ذكرنا ذلك هاهنا، لأن هذه الآية التي في النساء متقدمة النزول على آية المائدة. وبيانه: أن هذه نزلت قبل تحريم الخمر. والخمر إنما حرم بعد أحد بيسير. في محاصرة النبيّ ﷺ لبني النضير. وأما المائدة فإنها من آخر ما نزل. ولا سيما صدرها. فناسب أن يذكر السبب هنا. وبالله الثقة.
قال الإمام أحمد «١» حدثنا ابن نمير حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة. أنها استعارت من أسماء قلادة. فهلكت. فبعث رسول الله ﷺ رجالا في طلبها.
فوجدوها. فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء. فصلوا بغير وضوء. فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله عز وجل التيمم. فقال أسيد بن الحضير، لعائشة: جزاك الله خيرا. فو الله! ما نزل بك أمر تكرهينه، إلا جعل الله لك وللمسلمين فيه خيرا.
(طريق أخرى)
قال البخاريّ «٢» : حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أنبأنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه، عن عائشة زوج النبيّ ﷺ قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، في بعض أسفاره: حتى إذا كنا بالبيداء، أو بذات الجيش، انقطع عقد لي. فأقام رسول الله ﷺ على التماسه. وأقام الناس معه. وليسوا على ماء.
وليس معهم ماء. فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟
أقامت برسول الله ﷺ وبالناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء. فجاء أبو بكر، ورسول الله ﷺ واضع رأسه على فخذي، قد نام. فقال: حبست رسول الله ﷺ والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء؟ قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول. فجعل يطعنني بيده في خاصرتي. فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رأس رسول الله ﷺ على فخذي. فقام رسول الله ﷺ حتى أصبح على غير ماء.
فأنزل الله آية التيمم. فتيمموا. فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر.

(١) أخرجه في المسند ٦/ ٥٧.
(٢) أخرجه البخاريّ في: التيمم، ١- باب قول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ، حديث ٢٣٠.


الصفحة التالية
Icon