أنها نزلت عشية عرفة، يوم الجمعة، عام حجة الوداع، وله طرق كثيرة. لكن أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدريّ، أنها نزلت يوم غدير خمّ. وأخرج مثله من حديث أبي هريرة، وفيه: إنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، مرجعه من حجة الوداع، وكلاهما لا يصح.
ومنها: آية التيمم فيها. في الصحيح «١» عن عائشة أنها نزلت بالبيداء وهم داخلون المدينة.
ومنها: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ...
[المائدة: ١١] الآية. نزلت ببطن نخل.
ومنها: وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ... [المائدة: ٦٧] نزلت في ذات الرقاع. انتهى.
وسيأتي إن شاء الله تعالى بسط هذه الروايات، عند هذه الآيات.
قال ابن كثير: روى الإمام أحمد «٢» عن أسماء بنت يزيد قالت: إني لآخذة بزمام العضباء- ناقة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم- إذ نزلت عليه المائدة كلها. فكادت من ثقلها تدق عضد الناقة.
وروى الإمام أحمد «٣» أيضا عن عبد الله بن عمرو قال: أنزلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سورة المائدة وهو راكب على راحلته، لم تستطع أن تحمله، فنزل عنها. تفرد به أحمد
وروى الحاكم عن جبير بن نفير قال: حججت فدخلت على عائشة فقالت لي: يا جبير! تقرأ المائدة؟ فقلت: نعم. فقالت: أما إنها آخر سورة نزلت. فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه وما وجدتم فيها من حرام فحرّموه، ثم قال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

(١)
أخرجه البخاري في: التيمم، ١- حدثنا عبد الله بن يوسف، حديث ٢٣٠ ونصه: عن عائشة زوج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، قالت: خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء، أو بذات الجيش، انقطع عقد لي. فأقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على التماسه. وأقام الناس معه. وليسوا على ماء.
فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله صلّى الله عليه وسلّم والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء. فجاء أبو بكر، ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم واضع رأسه على فخذي، قد نام. فقال: حبست رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء.
قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول. وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، فلا يمنعني من التحرك إلّا مكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على فخذي. فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، حين أصبح، على غير ماء. فأنزل الله آية التيمم فتيمموا.
فقال أسيد بن الحضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر.
قالت: فبعثنا البعير الذي كنا عليه، فأصبنا العقد تحته. [.....]
(٢) أخرجه في المسند ٦/ ٤٥٥.
(٣) أخرجه في المسند ٢/ ١٧٦ والحديث رقم ٦٦٤٣.


الصفحة التالية
Icon