عن عد " أبي جاد " والإشارة إلى أن ذلك من جملة السحر، وليس ذلك ببعيد، فإنه لا أصل له في الشريعة.
وقد قال القاضي أبو بكر بن العربي في فوائد رحلته: ومن الباطل علم
الحروف المقطعة في أوائل السور.
وقد تحصّل لي فيها عشرون قولا، وأزيد، ولا أعرف واحدا يحكم عليها بعلم، ولا يصل فيها إلى فهم.
والذي أقول إنه لولا أن العرب كانوا يعرفون أن لها مدلولاً متداولاً بينهم لكانوا أول من أنكر ذلك على النبي - ﷺ -.
بل تلا عليهم حم فصلت وص وغيرهما فلم ينكروا ذلك، بل
صرحوا بالتسليم له في البلاغة والفصاحة مع تشوفهم إلى عثرة، وحرصهم على زلة، فدل على أنه كان أمراً معروفاً عندهم لا إنكار فيه.
وقيل: هي تنبيهات كما في النداء - عده ابن عطية مغايراً للقول بأنها فواتح.
والظاهر أنه معناه.
قال أبو عبيدة: الم افتتاح كلام.
وقال الحوفي: القول بأنها تنبيهات جيد، لأن القرآن كلام عزيز وفوائده غزيرة، فيريد أن يرد على سمع متنبه، فكان من الجائز أن يكون الله قد علم في بعض الأوقات كونَ النبي - ﷺ - في عالم البشر مشغولاً، فأمر جبريل بأن يقول عند نزوله الم، والر، وحم، ليسمع النبي - ﷺ - صوت جبريل، فيقبل عليه ويصغي إليه، وإنما لم يستعمل
الكلمات المشهورة في التنبيه كألاَ وأمَا، لأنها من الألفاظ التي يتعارفها الناس في كلامهم، والقرآن كلام لا يشبه الكلام، فناسب أن يؤتي فيه بألفاظ تنبيه لم تعهد ليكون أبلغ في قَرْع سمعه.
وقيل: إن العرب كانوا إذا سمعوا القرآن لغوا فيه، فأنزل الله هذا النظم
البديع ليعجبوا منه ويكون تعجبهم منه سبباً لاستماعهم، واستماعهم له سبب لاستماع ما بعده، فترقّ القلوب وتلين الأفئدة.
عدّ هذا جماعة ٌ قولاً مستقلاً.
والظاهر خلافه، وإنما يصلح هذا مناسبة
لبعض الأقوال لا قولا في معناه، إذ ليس فيه بيان معنى.
وقيل: إن هذه الحروف ذكرت لتدل على أن القرآن مؤلف من الحروف: