لكن لما لم يسمع لهذين المصحفين خبر، وأراد ابن مجاهد وغيره مراعاة عدد المصاحف استبدلوا من مصحف البحرين واليمن قارئين كمل بهما العدد، فصادف ذلك موافقة العدد الذي ورد به الخبر، فوقع ذلك لمن لم يعرف أصل المسألة، ولم تكن له فطنة، فظن أن المراد بالأحرف السبعة القراءات السبع.
والأصل المعتمد عليه صحة المسند في السماع، واستقامة الوجه في العربية.
وموافقة الرسم.
وأصح القراءات سنداً نافع وعاصم، وأفصحها أبو عمرو والكسائي.
وقال القَرّاب في الشافي: التمسك بقراءات سبعة من القراء دون غيرهم ليس
فيه أثر ولا سنّة، وإنما هو من جمع بعض المتأخرين، فانتشر، وأوْهَمَ أنه لا تجوز الزيادة على ذلك، وذلك لم يقلْ به أحد.
وقال الكواشي: كل ما صح سنده، واستقام وجهه في العربية، ووافق خط
المصحف الإمام فهو من السبعة المنصوصة، ومتى فقِدَ شَرط من الثلاثة فهو شاذ.
وقد اشتد إنكار الأئمة في هذا الشأن على من ظن انحصار القراءات المشهورة
في مثل ما في التيسير والشاطبية، وآخر مَنْ صرّح بذلك الشيخ تقي الدين
السبكي، فقال في شرح المنهاج: قال الأصحاب: تجوز القراءة في الصلاة وغيرها بالقراءات السبع، ولا تجوز بالشاذة، وظاهر هذا يوهم أن غير السبع المشهورة من الشواذ.
وقد نقل البغوي الاتفاقَ على القراءة بقراءة يعقوب وأبي جعفر مع السبع
المشهورة، وهذا القول هو الصواب.
قال: واعلمْ أن الخارج عن السبع المشهورة على قسمين: منه ما يخالف رسم
المصحف فلا شك في أنه لا تجوز قراءته لا في الصلاة ولا في غيرها.
ومنه ما لا يخالف رسمَ المصحف ولم تشتهر القراءة به، وإنما ورد من طريق غريب لا يعَوَّل عليها، وهذا يظهر المنع من القراءة به أيضاً.


الصفحة التالية
Icon