توسطاً، وهو أنه إن كان تفسير يغاير الآخر فقد قال بهما جميعاً وتصير
القراءاتان بمنزلة آيتين، مثل: حتى يطهرن.
وإن كان تفسيرهما واحداً كالبُيوت والبِيوت فإنما قال بأحدهما، وأجاز القراءة لكل قبيلة بهما على ما تعوَّد لسانهم.
قال: فإن قلتم إنه قال بإحداهما فأي القراءتين، قلنا: بلغة قريش.
انتهى.
وقال بعض المتأخرين: لاختلاف القراءة وتنوعها فوائد:
منها التهوين والتسهيل والتخفيف على الأمة.
ومنها إظهار فضلها وشرفها على سائر الأمم، إذ لم ينزل كتاب غيرهم إلا
على وجه واحد.
ومنها إظهار أجْرها من حيث أنهم يفرغون جهدهم في تحقيق ذلك، وضبطه
لفظة لفظة حتى مقادير المدَّات وتفاوت الإمالات، ثم في تتبّع معاني ذلك
واستنباط الحكم أو الأحكام من دلالة كل لفظ، وإمعانهم الكشف عن التوجيه والتعليل والترجيح.
ومنها إظهار سر الله في كتابه وصيانته له عن التبديل والاختلاف، مع كونه
على هذه الأوجه الكثيرة.
ومنها المبالغة في إعجازه بإيجازه، إذ تنوع القراءات بمنزلة الآيات، ولو
جعلت دلالة كل لفظة آيةً على حدة لم يخْفَ ما كان من التطويل، ولهذا كان
قوله: " وأرجلكم " منَزَّلاً لغسل الرجل والمسح على الخفّ، واللفظ واحد، لكن باختلاف إعرابه.
ومنها أن بعض القراءات تبيّن ما لعله جمل في القراءة الأخرى، فقراءة
يطهَّرن - بالتشديد - فبينة لمعنى قراءة التخفيف.
وقراءة: (فامْضوا إلى ذِكْرِ اللهِ) الجمعة: ٩، - تبيِّن أن المراد بقراءة " فاسعوا " الذهاب لا المشي السريع.
وقال أبو عبيد في " فضائل القرآن ": القصد من القراءة الشاذة تفسير القراءة المشهورة وتبيين معانيها،


الصفحة التالية
Icon