الشرع، ونزلت الآية مستوفية بذكر شبههم في البَحيرة والسائبة والوَصيلة
والحامي، وكان الغرض الرد عليهم والمضادة لا الحصر الحقيقي.
وقد تقدم بأبسط مِنْ هذا.
وينقسم الحصر باعتبار آخر إلى ثلاثة أقسام: قصر إفراد، وقصر قلب.
وقصر تعيين:
فالأول: يخاطَب به من يعتقد الشركة، نحو، (إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ).
وخوطب به من يعتْقد اشتراك الله والأصنام في الألوهية.
والثاني: يخاطب به من يعتقد إثبات الحكم لغير من أثبته المتكلم له، نحو:
(رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) البقرة: ٢٥٨.
خوطب به نُمْرود الذي اعتقد أنه المحي المميت دونَ الله.
(ألا إنهم هم السفهاء). البقرة: ١٣.
خوطب به من اعتقد من المنافقين أن المؤمنين سفهاء دونهم.
(وأرسلْنَاكَ للناسِ رَسولاً).
خوطب به من يعتقد من اليهود اختصاص بعثته بالعرب.
والثالث: يخاطب به من تساوى عنده الأمران، فلم يحكم بإثبات الصفة
لواحد بعينه ولا لواحد بإحدى الصفتين بعينها.
وطرق الحصر كثيرة، أحدها النفي والاستثناء سواء كان النفي بلا أو ما أو
غيرهما.
والاستثناء بإلا أو غير، نحو: لا إله إلا الله.
وما من إله إلا الله.
(ما قلت لهم إلا ما أمَرْتنِي به).
ووجه إفادة الحصر أن الاستثناء المفرّغ لا بد أن يتوجه النفي فيه إلى مقدّر
وهو مستثنى منه، لأن الاستثناء إخراج فيحتاج إلى مُخْرج منه.
والمراد التقدير المعنوي لا الصناعي.
ولا بد أن يكون عاماً، لأن الإخراج لا يكون إلا من عام.
ولا بد أن يكون مناسباً للمستثنى منه في جنسه مثل ما قام إلا زيد، أي لا أحد.
وما أكلت إلا تمراً، أي مأكولاً، ولا بد أنْ يوافقه في صفته، أي إعرابه، وحينئذ يجب القصر إذا أوجب منه شيء بإلا ضرورة بإبقاء ما عداه على صفة الانتفاء.