(وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ).
لا يستقيم المعنى في هذه الآيات ونحوها إلا بالحصر.
وأحسن ما يستعمل (إنما) في مواقع التعريض، نحو: (إنما يَتَذكر أولو الألباب).
الثالث،: (أنما) بالفتح: عدها من طرق الحصر الزمخشري والبيضاوي.
فقالا في قوله: (قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ).
- أنما لقَصر الحكم على شيء، أو لقصر الشيء على حكم، نحو: إنما زيد قائم.
وإنما يقوم زَيْد، وقد اجتمع الأمران في هذه الآية، لأن إنما يوحى إليّ مع فاعله بمنزلة إنما يقوم زيد وإنما إلهكم بمنزلة إنما زيد قائم.
وفائدة اجتماعهما الدلالة على أن الوحي إلى الرسول - ﷺ - مقصور على استئثار اللَه بالوحدانية.
وصرح التَّنوحي في الأقصى القريب بكونها للحصر، فقال: كل ما أوجب
إنما - بالكسر للحصر أوجب أنما - بالفتح للحصر، لأنها فرع عنها، وما ثبت للأصل ثبت للفرع ما لم يثبت مانع منه، والأصل عدمه.
ورد أبو حيان على الزمخشري ما زعمه بأنه يلزمه انحصار الوحي في
الوحدانية، وأجيب بأنه حصر مجازي باعتبار المقام.
الرابع: العطف بلا أو بل، ذكره أهل البيان، ولم يحكوا فيه خلافا، ونازع
فيه الشيخ بهاء الدين في عروس الأفراح، فقال: أي قصر في العطف بلا، إنما فيه نفي وإثبات، فقولك: زيد شاعر لا كاتب لا تعرُّض فيه لنفي صفة ثالثة، والقصر انما يكون بنفي جميع الصفات غير المثبتة حقيقة أو مجازا، وليس هو خاصا بنفي الصفة التي يعتقدها المخاطب.
وأما العطف ببل فأبعد منه، لأنه لا يستمر فيها النفي والإثبات.