الوجه الثالث والعشرون من وجوه إعجازه (وقوع الحقائق والمجاز فيه)
وقد أنكر قوم وقوع المجاز فيه، وقالوا: إنه أخو الكذب، والقرآنُ منزّه
عنه، وإن المتكلم لا يعدل إليه إلا إذا ضاقت الحقيقة فيستعير، وذلك محال على الله تعالى.
وهذه شبهة باطلة، ولو سقط المجاز من القرآن سقط منه شَطْرُ الحسن، فقد
اتفق البلغاء على أن المجاز أبلغ من الحقيقة، ولو وجب خلو القرآن عن المجاز
وجب خلوه من الحذف والتوكيد وتكنية القصص وغيرها.
وقد أفرده بالتصنيف الإمام عز الدين بن عبد السلام، ولخصته مع زيادات
كثيرة في كتاب سميته " مجاز الفرسان إلى مجاز القرآن ".
وهو قسمان:
الأول: المجاز في التركيب، ويسمى مجازَ الإسناد، والمجاز العقلي، وعلاقته
الملابسة، وذلك أن يسند الفعل أو شبهه إلى غير ما هو له أصالة لملابسته له، كقوله تعالى: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا).:
نسبت الزيادة، وهي فعل الله تعالى، إلى الآيات لكونها سببا لها.
(يُذَبِّح أبناءهم)
(يا هَامَانُ ابْنِ لي)، نسب الذبح، وهو فعل الأعوان، إلى فرعون، والبناء وهو فعل العملة، إلى هامان، لكونهما آمرين به.
وكذا قوله: (وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ).
نسب الإحلال إليهم لتسببهم في كفرهم بأمرهم إياهم به.
ومنه قوله تعالى: (يَوْماً يجعلُ الوِلْدَان شِيبا).
نسب الفعل إلى الظرف لوقوعه فيه.
(عِيشَةٍ راضية). أي مرضيّة.
(فإذا عزم الأمر) : أي عزم عليه، بدليل: (فإذا عزَمْتَ)