قرينة - صارفة إلى الاستعارة دالة عليها، فإن قامت قرينة على حذف الأداة
صرنا إليه، وإن لم تكن فنحن بين إضمار واستعارة، والاستعارة أولى، فيصار
إليها.
ومِمّن صرح بهذا الفرق عبد اللطيف البغدادي في قوانين البلاغة، وكذا قال
حازم: الفرق بينهما أن الاستعارة وإن كان فيها معنى التشبيه فتقدير حرف
التشبيه لا يجوز فيها، والتشبيه بغير حرف على خلاف ذلك، لأن تقدير حرف التشبيه واجب فيه.
*******
الوجه الخامس والعشرون من وجوه إعجازه (وقوع الكناية والتعريض)
وقد قدمنا آنفاً أن الكناية أبلغ من التصريح، وها من أنواع البلاغة وأساليبِ
الفصاحة.
وعرّفها أهل البيان بأنها لفظ أريد به لازم معناه.
وقال الطيبي: ترك التصريح بالشيء إلى ما يساويه في اللزوم، فينتقل منه إلى
الملزوم.
وأنكر وقوعها في القرآن من أنكر المجاز فيه بناء على أنها مجاز.
وقد تقدم الخلاف في ذلك.
وللكناية أسباب:
أحدها: التنبيه على عظم القدرة، نحو: (هو الذي خلقكم مِنْ نفْس
واحدة)، كناية عن آدم.
وثانيها: ترك اللفظ إلى ما هو أجل، نحو: (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ)، فكنى بالنعجة عن المرأة (١) كعادة العرب
في ذلك، لأن ترك التصريح بذكر المرأة أجل منه، ولهذا لم تذكر في القرآن
امرأة باسمها إلا مريم.
قال السهيلي: وإنما ذُكرت مريم باسمها على خلاف عادة
الفصحاء لنكتة، وهي أن الملوك والأشراف لا يذكرون حرائرهم في ملأ.