الوجه السادس والعشرون من وجوه إعجازه (إعجازه في آية وإطنابه في أخرى)
وهما من أعظم أنواع البلاغة
واختلف، هل بينهما واسطة - وهي المساواة - أوْ لاَ، وهي داخلة في قسم
الإيجاز، فالسكاكي وجماعة على الأول، لكنهم جعلوا المساواة غير محمودة ولا مذمومة، لأنهم فسروها بالمتعارف من كلام أوساط الناس الذين ليسوا في رتبة البلاغة، وفسروا الإيجاز بأداء المقصود بأقل من عبارة المتعارف.
والإطناب أداؤه بأكثر منها لكون المقام حقيقاً بالبسط.
وابن الأثير وجماعة على الثاني، فقالوا: الإيجاز التعبير عن المراد بلفظ غير
زائد.
والإطناب بلفظ أزيد.
وقال القَزْويني: الأقرب أن يُقال إن القبول من طرق التعبير عن المراد تأدية
أصله، إما بلفظ مساو للأصل المراد، أو ناقص عنه واف، أو زائد عليه لفائدة.
والأول المساواة، والثاني الإيجاز، والثالث الإطناب.
واحترز بواف عن الإخلال، وبقوله لفائدة - عن الحشو والتطويل، فعنده ثبوت المساواة واسطة، وأنها من قسم القبول.
فإن قلت: عدمُ ذكرك المساواة في الترجمة لماذا؟ هل هو لرجحان نَفْيِها، أو
عدم قبولها، أو لأمر غير ذلك؟
قلت: لهما، ولأمر ثالث، وهو أن المساواة لا تكاد توجد خصوصاً في
القرآن.
وقد مثّل لها في التلخيص بقوله تعالى: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ).
وفي الإيضاح بقوله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ).
وتُعقب بأن في الآية الثانية حذف موصوف الذين، وفي الأولى إطناب بلفظ