قد يكون أدعى له، وهو القتل ظلماً، وإنما ينفيه قتلٌ خاص، وهو القصاص، ففيه حياة أبداً.
الخامس: أن الآية خالية من تكرار لفظ " القَتْل " الواقع في المثل، والخالي من التكرار أفضل من المشتمل عليه، وإن لم يكن مخلاَّ بالفصاحة.
السادس: أن الآية مستغنية عن تقدير محذوف، بخلاف قولهم، فإن فيه
حذف " من " التي بعد أفعل التفضيل وما بعدها، وحذف قصاصاً مع القتل
الأول وظلماً مع القَتْل الثاني، والتقدير: القتل قصاصاً أنفى للقتل ظلماً من تركه.
السابع: أن في الآية طباقا، لأن القصاص مشعر بضد الحياة، بخلاف القتل.
الثامن: أن الآية اشتملت على فن بديع، وهو جعل أحد الضدين الذي هو
الفَناء والموت محلاًّ ومكاناً لضده الذي هو الحياة، واستقرارُ الحياة في الموت
مبالغة عظيمة، ذكره في الكشاف وعبّر عنه صاحب الإيضاح بأنه جعل القصاص كالمنبع للحياة والمعدن لها بإدخال " في " عليه.
التاسع: أن في المثل توالي أسباب كثيرة خفيفة، وهو السكون بعد الحركة
وذلك مستَكرَه، فإن اللفظ المنطوق به إذا توالت حركاته تمكن اللسان من النطق به، وظهرت فصاحته بخلاف ما إذا تعقب كل حركة سكون، فالحركات تنقطع بالسكنات، نظيره إذا تحركت الدابة أدنى حركة فجثت ثم تحركت فجثت لا يتبين انطلاقها، ولا تتمكن من حركتها على ما تختاره، فهي كالمقيدة.
العاشر: أن المثل كالتناقض من حيث الظاهر، لأن الشيء لا ينفي نفسه.
الحادي عشر: سلامة الآية من تكرير قلقلة القاف الوجب للضغط والشدة، وبُعدها عن غُنَّة النون.
الثاني عشر: اشتمالها على حروف متلائمة، لما فيها من الخروج من القاف إلى الصاد، إذ القاف من حروف الاستعلاء، والصاد من حروف الاستعلاء
والإطباق، بخلاف الخروج من القاف إلى التاء التي هي حرف منخفض، فهو


الصفحة التالية
Icon