وقلَّ مَنْ تنبّه له أو نبّه عليه من أهل البلاغة، ولم أره إلا في شرح بديعية الأعمى لرفيقه الأندلسي، وذكره الزركشي في البرهان ولم يسمه هذا الاسم، بل سماه الحذف المقابلي، وأفرده بالتصنيف من أهل العصر العلامة برهان الدين البقاعي الأندلسي في شرح البديعية، قال: من أنواع البديع الاحتباك، وهو نوع عَزِيز، وهو أن يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني، ومن الثاني ما أثبت نظيره في الأول، كقوله تعالى: (ومَثَل الذين كفروا كمثل الذي يَنْعِقُ).
التقدير: ومثل الأنبياء والكفار كمثل الذي ينعق، والذي يُنْعَق
به، فحذف من الأول الأنبياء لدلالة الذي ينعق عليه، ومن الثاني الذي ينعق به لدلالة الذين كفروا عليه.
وقوله: (وأدْخِلْ يَدكَ في جَيْبِك تخرج بيضاء).
التقدير: تدخل غير بيضاء وأخرجها تخرج بيضاء، فخذف من الأول تدخل غير بيضاء.
ومن الثاني: وأخرجها.
وقال الزركشي: هو أن يجتمع في الكلام متقابلان، فيحذف من كل واحد
منهما مقابله، لدلالة الآخر عليه، كقوله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تُجْرِمُونَ (٣٥.
التقدير: إن افتريته فعليَّ إجرامي وأنتم بريء منه، وعليكم إجرامكم وأنا بريء مما تجرمون.
وقوله: (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ).
التقدير: ويعذب المنافقين فلا يتوب عليهم، أو يتوب عليهم فلا يعذبهم.
وقوله: (ولا تقربُوهُنَّ حتى يطْهُرْنَ فإذا تطَهَّرْنَ فأتُوهُنَّ).
أي حتى يَطْهرن من الدم ويَطَّهرن بالماء، فإذا طهرن وتطهَّرن
فأتوهن.
وقوله: (خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا).
أي عملاً صالحاً بِسَيء وآخر سَيِّئًا بصالح.
قلت: ومن لطيفه: (فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ).