قال في عروس الأفراح: فإن قلت: إذا كان المراد بكل ما قبله فليس
بإطناب، بل هي ألفاظ، كل أرِيد به في ما أريد بالآخر.
قلت: إذا قلنا العبرة بعموم اللفظ فكل واحد أريد به ما أريد بالآخر
ولكن كرر ليكون نصّاً فيما يليه وظاهرا في غيره.
فإن قلت: يلزم التأكيد.
قلت: والأمر كذلك، ولا يَرِد عليه أن التأكيد لا يزاد عليه عن ذلك، لأن
ذلك في التأكيد الذي هو تابع.
أما ذكر الشيء في مقامات متعددة أكثر من ثلاثة فلا يمتنع. انتهى.
ويقرب من ذلك ما ذكره ابن جرير في قوله تعالى: (وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (١٣١) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (١٣٢).
قال: فإن قيل: ما وَجُْ تكرار قوله: (وَلِلَّهِ ما في السماواتِ وما في
الأرض) في آيتين إحداهما في أثر الأخرى؟.
قلت: لاختلاف معنى الخبرين عما في السماوات والأرض، وذلك أن الخبر
عنه في إحدى الآيتين ذِكْر حاجته إلى بارئه، وغِنَى بارئه عنه، وفي الأخرى
حفظُ بارئه إياه، وعلمه به وبتدبيره.
قال: فإن قيل: أفلا قيل: وكان الله غنياً حميداً، وكفى بالله وكيلا؟.
قيل: ليس في الآية الأولى ما يصلح أن تُخْتم بوصفه معه بالحفظ والتدبير.
انتهى.
وقال تعالى: (وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ).
قال الراغب: الكتاب الأول ما كتبوه بأيديهم المذكور في قوله تعالى: