(هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ).
ومنه: (يَحْكُمُ بها النبيُّون الذين أسْلَمُوا).
فهذا الوصف للمدح، وإظهار شرف الإسلام
والتعريض باليهود، وأنهم بعدوا عن ملّة الإسلام الذي هو دينُ الأنبياء كلهم، وأنهم بمعزل عنها، قاله الزمخشري.
الرابع: الذم، نحو: (فاستَعِذْ باللهِ من الشيطانِ الرجِيم).
الخامس: التأكيد لرفع الإيهام، نحو: (لا تَتَخِذُوا إلهين اثنين).
فإن إلهين للتثنية، فاثنين بعده صفة مؤكدة للنهي عن الإشراك، ولإفادة
أن النهي عن اتِّخاذ إلهين، إنما هو لمحض كونهما اثنين فقط، لا لمعنى آخر من
كونهما عاجزين أو غير ذلك، ولأن الوحدة تطلق ويراد بها النوعية، كقوله
- ﷺ -: إنما نحن وبنو المطلب شيء واحد.
وتطلق ويراد بها نفيُ العدة بالتثنية باعتبارها.
فلو قيل: لا تتخذوا إلهين فقط لتوهم أنه نهى عن اتخاذ جنسين آلهة.
وإن جاز أن نتخذ من نوع واحد عدداً آلهة، ولهذا أكد بالوحدة قوله: (إنما
هُوَ إله واحد).
ومثله: (فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ) - على قراءة تنوين كل.
وقوله: (إذا نُفِخَ في الصُّورِ نَفْخَةٌ واحدةٌ).
فهو تأكيد لرفع توهُّم تعدد النفخة، لأن هذه الصيغة قد تدل على الكثرة
بدليل: (وإن تَعدّوا نعمةَ اللهِ لا تُحْصُوها).
ومن ذلك قوله: (فإنْ كانَتَا اثْنَتَيْن).
فإن لفظ (كانتا) يفيد التثنية، فتفسيره باثنتين لم يفِدْ زيادة عليه.
وقد أجاب عن ذلك الأخفش والفارسي بأنه أفاد العدد المحض مجردا عن
الصفة، لأنه قد كان يجوز أن يقال: فإن كانتا صغيرتين أو كبيرتين أو صالحتين أو غير ذلك من الصفات، فلما قال اثنتين أفهم أن فرض الثنتين تعلق بمجرد كونهما اثنتين فقط، وهذه فائدة لا تحصل من ضمير المثنى.


الصفحة التالية
Icon