ومنه التفصيل بعد الإجمال، نحو: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ).
وعكسه، كقوله: (ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ).
أعيد ذكر العشرة لدفع توهم أن الواو في (وَسَبْعَةٍ) بمعنى " أو " فتكون الثلاثة داخلة فيها، كما في قوله: (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ)، ثم قال: (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ)، فإن من جلتها اليومين المذكورين أولاً، وليست أربعة غيرهما.
وهذا أحسن الأجوبة في الآية، وهو الذي أشار إليه الزمخشري، ورجحه ابن عبد السلام، وجزم به الزملكاني في أسرار التنزيل.
قال: ونظيره: (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً). - فإنه رافعٌ لاحتمال أن تكون تلك العشرة من غير مواعدة.
قال ابن عسكر: وفائدة الوعد بثلاثين أولاً ثم بعشر، ليتجدد له قرب
انقضاء المواعدة، ويكون فيه متأهباً، مجتمع الرأي، حاضر الذهن، لأنه لو وعد بالأربعين أولاً كانت متساوية، فلما فصلت استشعرت النفس قرب التمام، وتجدّد بذلك عزم لم يتقدم.
وقال الكرماني في العجائب: في قوله: (تلك عشرة كاملة) ثمانية أجوبة:
جوابان من التفسير، وجواب من الفقه، وجواب من النحو، وجواب من اللغة، وجواب من المعنى، وجوابان من الحساب، وقد سقْتها في أسرار التنزيل.
النوع الثاني عشر: التفسير:
قال أهل البيان: وهو أن يكون في الكلام لبس وخفاء، فيأتي بما يزيله
ويفسّره.
ومن أمثلته: (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (١٩) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (٢٠) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (٢١).
فقوله: (إذا مَسَّه... ) الخ تفسير - للهلوع، كما قال أبو العالية وغيره.
(الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ)