ثم قال: (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥) كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦).
فالمراد بالإنسان الأول الجنس، وبالثاني آدم، أو من يعلم الكتابة، أو
إدريس، وبالثالث أبو جهل.
ومنها: مراعاةُ الترصيع وتوازن الألفاظ في التركيب، ذكره بعضهم في قوله: (أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى).
ومنها: أن يتحمل ضميرا لا بد منه، ومنه: (أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا).
لو قال استطعماها لم يصح، لأنها لم يستطعما القرية، أو استطعماهم فكذلك، لأن جملة استطعما صفة لقرية النكرة لا لأهل، فلا بد أن
يكون فيها ضميرٌ يعود إليها، ولا يمكن إلا مع التصريح بالظاهر، كذا حرره
السبكي في جواب سأله الصلاح الصفدي في ذلك، قال الصفَدي:
أَسَيِّدَنَا قَاضِي الْقُضَاةِ وَمَنْ إذَا | بَدَا وَجْهُهُ اسْتَحْيَا لَهُ الْقَمَرَانِ |
وَمَنْ كَفُّهُ يَوْمَ النَّدَى وَمِداده | عَلَى طِرْسِهِ بَحْرَانِ يَلْتَقِيَانِ |
وَمَنْ إنْ دَجَتْ فِي الْمُشْكِلَاتِ مَسَائِلُ | جَلَاهَا بِفِكْرٍ دَائِمِ اللَّمَعَانِ |
رَأَيْت كِتَابَ اللَّهِ أَكْبَرَ مُعْجِزٍ | لِأَفْضَلَ مَنْ يَهْدِي بِهِ الثَّقَلَانِ |
وَمِنْ جُمْلَةِ الْإِعْجَازِ كَوْنُ اخْتِصَارِهِ | بِإِيجَازِ أَلْفَاظٍ وَبَسْطِ مَعَانِ |
وَلَكِنَّنِي فِي الْكَهْفِ أَبْصَرْت آيَةً | بِهَا الْكُفْرُ فِي طُولِ الزَّمَانِ |
عَنَانِي وَمَا هِيَ إلَّا "اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا" فَقَدْ | يُرَى اسْتَطْعَمَاهُمْ مِثْلَهُ بِبَيَانِ |
فَأَرْشِدْ عَلَى عَادَاتِ فَضْلِك حَيْرَتِي | فَمَالِي بِهَا عِنْدَ الْبَيَانِ يَدَانِ |
تنبيه:
إعادةُ الظاهر بمعناه أحسن من إعادته بلفظه، كما مر في آيات: (إنا لا
نُضِيعُ أجرَ مَنْ أحسنَ عملا).
(إنا لا نُضِيع أجرَ المصلحين)، ونحوهما.