مقابلة السنَة بالنوم في الآية الأولى، فإنهما جميعاً من باب الرقاد المقابَل باليقظة في آية، (وتَحْسَبهم أَيقاظاً وهم رقود).
وهذا مثال الثاني، فإنهما نقيضان.
ومثال الثالث مقابلة الشر بالرشد في قوله: (وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (١٠).
فإنهما خلافان لا نقيضان، فإن نقيض الشر الخير، والرشد الغي.
المواربة
براء مهملة وباء موحدة: أن يقول المتكلم قولاً يتضمن الإنكار عليه، فإذا
حصل الإنكار استحضر بحذْقه وجهاً من الوجوه يتخلص به، إما بتحريف
كلمة، أو تصحيفها، أو زيادة أو نقص.
قال ابن أبي الإصبع: ومنه قوله تعالى
حكاية عن أكبر أولاد يعقوب: (ارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُولُوا يَا أَبَانَا إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ)، فإنه قُرِئ إن ابنك يسرِّق ولم يسرق، فأتى بالكلام
على الصحة بإبدال ضمة من فتحة وتشديد في الراء وكسرها.
المراجعة
قال ابن أبي الإصبع: هي أن.
يحكي المتكلم مراجعةً في القول جرت بينه وبين محاور له بأوجز عبارة، وأعدل سَبك، وأعذب ألفاظ، ومنه قوله تعالى: (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤).
جمعت هذه القطعة - وهي بعض آية - ثلاث مراجعات فيها
معاني الكلام، من الخبر والاستخبار، والأمر والنهي، والوعد والوعيد، بالمنطوق والمفهوم.
قلت: أحسن من هذا أن يُقال جمعت الخبر والطلب، والإثبات والنفي، والتأكيد والحذف، والبشارة والنذارة، والوعد والوعيد.


الصفحة التالية
Icon