قوله: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ)، لأنه قد ثبت عندنا بالخبر المتواتر أنه تعالى أخبر بزلزلة الساعة معظماً لها، وذلك مقطوع بصحته، لأنه خبر أخبر به مَنْ ثبت صِدقه عمن ثبتت قدرته، منقول إلينا بالتواتر، فهو حق، ولا يخبر بالحق عما سيكون إلا الحق، فهو الولي.
وأخبر تعالى أنه يحي الموتى، لأنه أخبر عن أهوال الساعة بما أخبر، وحصول
فائدة هذا الخبر موقوفة على إحياء الموتى ليشاهدوا تلك الأهوال التي يعلمها الله مِنْ أجلهم.
وقد ثبت أنه قادر على كل شيء، ومن الأشياء إحياء الموتى، فهو يحي
الموتى.
وأخبر تعالى أنه على كل شيء قدير، لأنه أخبر أنه من يتبع الشياطين، ومن
يجادل في الله بغير علم - يذِقْه من عذاب السعير، ولا يقدر على ذلك إلا من هو على كل شيء قدير، فهوعلى كل شيء قدير.
وأخبر أن الساعة آتيةٌ لا رَيْبَ فيها، لأنه أخبر بالخبر الصادق أنه خلق
الإنسان من تراب إلى قوله: (لكيْلاَ يَعْلَمَ مِن بعد علم شيئاً).
وضرب لذلك مثلاً بالأرض الهامدة التي ينزل عليها الماء فتهتزّ وتَرْبو، وتنْبِت
من كل زَوْج بَهِيج.
ومن خَلق الإنسان على ما أخبر به فأوجده بالخلق ثم أعدمه
بالموت، ثم يعيده بالبعث، وأوجد الأرض بعد العدم فأحياها بالخلق ثم أماتها
بالمَحْل، تم أحياها بالخصب، وصدق خَبَره في ذلك كله بدلالة الواقع المشاهد على التوقع الغائب، حتى انقلب الخبر عيانا - صدق خبره في الإتيان بالساعة، ولا يأتي بالساعة إلا من يبعث مَنْ في القبور، لأنها عبارة عن مدة تقوم فيها الأموات للمجازاة، فهي آتية لا ريب فيها، وهو سبحانه يَبْعَث مَنْ في القبور.
وقال غيره: استدل سبحانه على المعاد الجسماني بضروب:
أحدها: قياس الإعادة على الابتداء، قال: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ).
(كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ).
(أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ).


الصفحة التالية
Icon