العَجْز يلحقهما أو أحدهما، وذلك لأنه لو أراد أحدهما إحياء جسم وأراد
الآخر إماتته فإما أن تنفذ إرادتهما فيتناقض، لاستحالة تجزيء الفعل إن
فرض الاتفاق، أو لامتناع اجتماع الضدين إن فرض الاختلاف، وإما ألا تنفذ إرادتهما فيؤدي إلى عجزهما، أو لا تنفذ إرادة أحدهما فيؤدي إلى عَجْزه، والإله لا يكون عاجزاً.
فصل
من الأنواع المصطلح عليها في علم الجدل السّبْر والتقسيم.
ومن أمثلته في القرآن قوله تعالى: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ).
فإن الكفار لما حَرَّموا ذكورَ الأنعام تارة وإناثها أخرى رد تعالى ذلك عليهم بطريق السَّبْر والتقسيم، فقال: إن الخلق لله، خلق من كل زَوْج مما ذكر ذكرأ وانثى، فمِمَّ جاء تحريم ما ذكرتم، وما علته، لا يخلو إما أن يكون من جهة الذكورة أو الأنوثة، أو اشتمال الرحم الشامل لهما، أو لا يدرى له علة، وهو التعبّدي، بأنْ أخذ ذلك عن الله، والأخذ عن الله إما
بوحْي، أو إرسال رسول، أو سماع كلامه ومشاهدة تلقّي ذلك عنه، وهو في معنى قوله: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا)..
فهذه وجوه التحريم لا تخرج عن وَجْهٍ منها:
والأول: يلزم عليه أن تكون جميع المذكور حراماً.
والثاني: يلزم عليه أن تكون جميع الإناث حراماً.
والثالث: يلزم عليه تحريم الصنفين معاً، فبطل ما فعلوه من تحريم بعضٍ في
حالة وبعضٍ في حالة، لأن العلة، على ما ذكر، تقتضي إطلاق التحريم، والأخذ عن الله بلا واسطة باطل ولم يدَّعوه، وبواسطة رسول كذلك، لأنه لم يأت إليهم رسولٌ قبل النبي - ﷺ -.
وإذا بطل جميع ذلك ثبت المدَّعَى، وهو أن ما قالوه افتراء على الله وضلال.