عليهم المحن تكريما في الخطاب.
والثانية من كلام موسى فعددها في الأعراف:
(يُقَتّلون)، وهو من بديع الألفاظ المسمى بالتفنن.
قوله تعالى: (وإذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذه القَرْية)، وفي آية الأعراف اختلاف ألفاظ، ونكتته أن آية البقرة في معرض ذكر النعم عليهم
حيث قال: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ).
فناسب نسبة القول إليه تعالى، وناسب قوله رغداً، لأن النعم به
أتم، وناسب تقديم: وادخلوا الباب سجداً، وناسب خطايا، لأنه جمع كثرة، وناسب الواو في: وسنزيد الحسنين لدلالتها على الجمع بينهما، وناسب الفاء في فكلوا، لأن الأكل قريب من الدخول.
وآية الأعراف افتتحت بما به توبيخهم، وهو قوله: (اجعَلْ لنا إلهاً كما لَهُمْ
آلهة). الأعراف: ١٣٨.
ثم اتخاذهم العجل، فناسب ذلك: وإذا قيل لهم، وناسب ترك " رَغَدا " والسكنى تجامع الأكل فقال: وكلوا، وناسب تقديم مغفرة
الخطايا، وترك الواو في سنزيد.
ولما كان في الأعراف تبعيض الهادين بقوله:
(وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ)، ناسب تبعيض الظالمين بقوله: الذين ظلموا منهم، ولم يتقدم في البقرة إشارة إلى سلامة غير الذين ظلموا لتصريحه بالإنزال على المتصفين بالظلم.
والإرسال أشد وقعاً من الإنزال، فناسب سياق ذكر النعمة البقرة ذلك، وختم آية البقرة بـ يفسقون.
ولا يلزم منه الظلم، والظلم يلزم منه الفسق، فناسب كل لفظ منها سياقه.
كذا في البقرة " فانفجرت " وفي الأعراف: انبجست، لأن الانفجار أبلغ في
كثرة الماء، فناسب ذكر النعم التعبير به.
قوله تعالى في البقرة: (وقالوا لَنْ تَمَسّنَا إلا أيّاماً معدودةً)
وفي آل عمران (معدودات).
قال ابن جماعة: لأن قائلي ذلك فرقتان من اليهود: إحداهما قالت إنما نُعذب
بالنار سبعة أيام عدد أيام الدنيا.
والأخرى قالت: إنما نُعذب أربعين يوماً، عدة