ذلك: (فلا تَعْتَدوها)، لأن الأولى وردت بعد نواهٍ، فناسب
النهي عن قربانها، والثانية بعد أوامر، فناسب النهي عن تعديها وتجاوزها بأن
يوقف عندها.
قوله تعالى: (نَزّلَ عَلَيْكَ الكتَاب) آل عمران: ٣.
وقال: (وأنزل التوراةَ والإنْجِيل) آل عمران: ٣)، لأن الكتاب أنزل منجماً، فناسب الإتيان بنزل الدالة على التكرير، بخلافهما فإنهما أنزلا دفعة واحدة.
قوله تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ).
وفي الإسراء: (خَشْيَةَ إمْلاَق)، لأن الأولى خطاب للفقراء المقلين، أي لا تقتلوهم من فقركم، نحن نرزقكم ما يزول به إملاقُكم، ثم قال: وإياهم.
والثانية خطاب للأغنياء، أي خشية فقر يحصل لكم بسببهم، ولهذا
حسن: نحن نرزقهم وإياكم.
قوله تعالى: (فاستَعِذْ باللهِ إنهُ سَمِيعٌ عَلِيم) الأعراف: ٢٠٠.
وفي فُصّلت: (السميع العليم) فصلت: ٣٦)، لأنها نزلت ثانيا فحسن التعريف، أي هو السميع العليم الذي تقدم ذكره عند نزوغ الشيطان.
قوله تعالى: (المنافقون والمنافقاتُ بعضُهم مِنْ بَعْض).
وقال في المؤمنين: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)، وفي الكفار: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ)، لأن المنافقين ليسوا
متناصرين على دين معين وشريعة ظاهرة، وكان بعضهم يهوداً وبعضهم
مشركين، فقال: من بعض، أي في الشك والنفاق.
وكان المؤمنون متناصرين على دين الإسلام.
وكذلك الكفار المعلنون بالكفر كلهم أعوان بعضهم
ومجتمعون على التناصر بخلاف المنافقين، كما قال تعالى: (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى).
فهذه أمثلة يستضاء بها، ويأتي منها كثير في وجه التقديم والتأخير، وتقدم في
نوع الفواصل، وهذا بحر لا ساحل له، فلنرجع إلى المقصود.
*******


الصفحة التالية
Icon