وأما قوله: فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون - فإنه إذا نفخ في الصور
فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله فلا أنساب بينهم عند ذلك، ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون، وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون.
وأما قوله: "خلق الأرض في يومين" فإن الأرضَ خُلقت قبل السماء، وكانت
السماء دخانا فسواهنّ سغ سموات في يومين بعد خلق الأرض.
وأما قوله: "والأرض بعد ذلك دحاها": يقول: جعل فيها جبالا، وجعل فيها أنهاراً، وجعل فيها أشجارا، وجعل فيها بحارا.
وأما قوله: كان الله فإن الله كان ولم يزل كذلك، وهو كذلك عزيز حكيم
عليم قدير، ثم لم يزل كذلك، فما اختلف عليك من القرآن فهو يشبه ما ذكرْتُ لك، وإن الله لم ينزل شيئاً إلا وقد أصاب به الذي أراد، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
وأخرجه الحاكم في المستدرك وصححه، وأصله في الصحيح.
قال ابن حجر في شرحه: حاصل ما فيه السؤال عن أربعة مواضع:
الأول: نفي المسألة يوم القيامة وإثباتها.
الثاني: كتمان المشركين حالهم وإفشاؤه.
الثالث: خلق السماء والأرض أيهما تقدم.
الرابع: الإتيان بحرف " كان " الدالة على المضي مع أن الصفة لازمة.
وحاصل جواب ابن عباس عن الأول أن نفي المساءلة فيما قبل النفخة الثانية
وإثبانها فما بعد ذلك.
وعن الثاني أنهم يكتمون بألسنتهم فتنطق أيديهم وأرجلهم.
وعن الثالث أنه بدأ خلق الأرض في يومين غير مدحوّة، ثم خلق السماوات، فسوّاهن في يومين، ثم دحا الأرض بعد ذلك وجعل فيها الرواسي وغيرها في
يومين، فتلك أربعة أيام للأرض.


الصفحة التالية
Icon