وأخرجه ابن أبي حاتم من هذا الوجه، وزاد: ما أدري ما هما، وأكره أن
أقول فيهما ما لا أعلم.
قال ابن أبي مليكة: فضرب الدهر حتى دخلت على سعيد بن المسيب فَسُئل
عن ذلك فلم يدر ما يقول.
فقلت: ألاَ أخْبِرك بما حضرت عن ابن عباس.
فأخبرته.
فقال ابن المسيب للسائل: هذا ابن عباس قد اتَّقَى أنْ يقول فيها، وهو
أعلمُ مني.
وروي عن ابن عباس أيضاً أن يوم الألف هو مقدار سَيْرِ الأمرِ وعروجه
إليه، ويوم الألف في سورة الحج أحد الأيام الستة التي خلق الله فيها السماوات.
ويوم الخمسين ألفاً هو يوم القيامة، فأخرج ابن أبي حاتم من طريق سماك عن
عكرمة عن ابن عباس أن رجلاً قال له: حدثني ما هؤلاء الآيات: في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.
(وإن يَوماً عند ربك كألْفِ سنة). الحج: ٤٧.
فقال: يوم القيامة حساب الخمسين ألف سنة.
والسماوات في ستة أيام كل يوم يكون ألف سنة.
(يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ).
قال ذلك مقدار السير.
وذهب بعضهم إلى أن المراد بهما يوم القيامة، وأنه باعتبار حال المؤمن
والكافر، بدليل قوله: يوم عسير على الكافرين غير يسير.
فصل
قال الزركشي في "البرهان": للاختلاف أسباب:
أحدها: وقوع الخبر به على أحوال مختلفة وتطورات شتى، كقوله في خلق
آدم مرة: (مِنْ ترَاب) آل عمران: ٥٩)، ومرةً: (مِنْ حَمَأ مَسْنون)
الحجر: ٢٦)، ومرة: (مِنْ طِين لازِبِ) الصافات: ١١)، ومرة -: (مِنْ
صَلْصَال كالفَخَّار). الرحمن: ١٤)، فهَذه ألفاظ مختلفة ومعانيها في أحوال
مختلفة، ً لأن الصلصال غير الحمأ والحمأ غير التراب، إلا أن مرجعها كلها إلى جوهر وهو التراب، ومن التراب تدرجت هذه الأحوال.