، وأبو داود السجستاني، وأبو جعفر النحاس، وابن الأنباري، ومكي.
وابن العربي، وآخرون.
لكن في هذا النوع مسائل:
الأولى: يَرِد النسخ بمعنى الإزالة، ومنه قوله: (فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ).
وبمعنى التبديل، ومنه: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ).
وبمعنى التحويل، كتناسخ المواريث، بمعنى تحويل الميراث من واحد إلى
واحد.
وبمعنى النقل من موضع إلى موضع، ومنه نسخت الكتاب: إذا نقلت ما فيه
حاكياً للفظه وخطه.
قال مكي: وهذا الوجه لا يصح أن يكون في القرآن.
وأنكر على النحاس إجازته ذلك محتجّاً بأن الناسخ فيه لا يأتي بلفظ المنسوخ.
وأنه إنما يأتي بلفظ آخر.
وقال السعيدي: يشهد لما قاله النحاس قوله: (إنّا كُنّا نَسْتَنْسِخُ ما كنتُم
تَعْمَلُون) الجاثية: ٢٩.
وقال: (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (٤).
ومعلوم أن ما نزل من الوحي نجوماً جميعه في أم الكتاب، وهو اللوح
المحفوظ، كما قال تعالى: (فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (٧٩).
الثانية: لا يقع النسخ إلا في الأمر والنهي، ولو بلفظ الخبر، أما الخبر الذي
ليس بمعنى الطلب فلا يدخله النسخ، ومنه الوعد والوعيد.
وإذا عرفت ذلك عرفت فساد صُنْع من أدخل في كتاب النسخ كثيراً من آيات الإخبار والوعد والوعيد.