(تزْرَعُونه)، المراد بالزراعة هنا إنبات مما يُزرع، وتمام
خلقته، لأن ذلك مما انفرد الله به ولا يَدّعيه غيره، قال رسول الله - ﷺ -: "لا يقولنّ أَحَدكم زرعت، ولكن يقول حرثت.
وقد يقال لهذا زَارع".
ومنه قوله: (يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ).
(تَفَكَّهون)، أي تطرحون الفاكهة، وهي المسرّة، يقال:
رجل فكه، إذا كان مسروراً منْبَسط النّفس.
ويقال تفكه إذا زالت عنه الفاكهة
فصار حزيناً، لأن صيغة تفعل تأتي لزوال الشيء، كقولهم: تحرّج وتأثّم إذا
جانب الحرج والإثْم، فالمعنى صرتم تحزنون على الزرع لو جعله الله حُطَاماً.
وقد عبّر بعضهم عن تفكهون بأن معناه تفجعون.
وقيل: تندمون.
وقيل تعجبون.
وهذه معان متقاربة.
والأصل ما ذكرناه.
(تَذْكرة)، أي تذكِّرُ بنار جهَنمّ.
(تجعلون رِزْقَكم) : قال ابن عطية: أجمع المفسرون على أن
الآية توبيخ للقائلين في المطر إنه نزل بنَوْءِ كذا وكذا، فالمعنى تجعلون شكرَ
رزقكم التكذيبَ، فحذف شكراً لدلالة المعنى عليه.
وقرأ علي بن أبي طالب:
وتجعلون شكركم أنكم تكذبون.
وكذا قرأ ابن عباس، إلا أنه قرأ تكذبون - بضم التاء والتشديد، كقراءة الجماعة.
وقراءة علي بن أبي طالب بفتح التاء وإسكان الكاف من الكذب، أي يكذبون في قولهم: نزل المطر بِنَوْءَ كذا.
ومن هذا المعنى قول رسول الله - ﷺ -: يقول الله تعالى: أصبح من عبادي مؤمن بي كافر بالكوكب، وكافر بي مؤمن بالكوكب، فأما مَن قال مُطِرنا بفضل اللَه ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما مَنْ قال مُطِرْنا بِنَوْء كذا وكذا
فذاك كافر بي مؤمن بالكوكب.
والنهيّ عنه في هذا الباب أن يعتقد أن للكواكب تأثيرا في المطر، وأما
مراعاة العوائد التي أجراها الله تعالى فلا بَأْسَ به، كقوله - ﷺ -: إذا نشأت تجرية ثم تشاءمت فتلك عَيْن غدَيْقَة.


الصفحة التالية
Icon