فإن قيل: كيف تُبَوَّأُ الدارُ والإيمان، وإنما تتَبوَّأ الدارُ، أي تسكن ولا يُتَبَؤأ
الإيمان؟
فالجواب من وجهين - الأول: أن معناه تبوءوا الدار وأخلصوا الإيمان، فهو
كقوله: عَلَفْتهَا تبناَ وماءً بَارِداً، تقديره علفتها تِبنا وسقيْتها ماء باردا.
الثاني أن المعنى أنهما جعلوا الإيمان كأنه موطن لهم لتمكنهم فيه، كما جعلوا المدينة كذلك.
فإن قيل: قوله: (من قبلهم) - يقتضي أن الأنصار سبقهوا
المهاجرين بنزول المدينة وبالإيمان، فأما سَبْقهم لهم بنزول المدينة فلا شك فيه، لأنها، كانت بلدهم، وأما سبقهم لهم بالإيمان فمشكل، لأن أكثر المهاجرين أَسلَموا قبل الأنصار.
فالجواب مِنْ وجهين:
أحدهما أنه أراد بقوله: (مِنْ قبلهم) : مِنْ قبل هجرتهم.
والآخر أند أراد تَبؤءوا الدار مع الإيمان معاً، أي جمعوا بين الحالتين قبل
المهاجرين، لأن المهاجرين إنما سبقوهم بالإيمان لا بنزول الدار، فيكون الإيمانُ على هذا مفعولاً معه.
وهذا الوجه أحسنُ، لأنه جواب عن السؤال.
وعن السؤال الأول بأنه إذا @حان الإيمان مفعولاَ به لم يلزم السؤال الأول، إذ لا يلْزَم إلا إن كان الإيمان معطوفا على الدار.
(تعاسَرتم)، أي تضايقْتُم.
والمعنى إن تشطّطت الأم علىِ الأب في أجرة الرضاع، وطلبَتْ منه كثيراً فللأبِ أنْ يستَرضع لولده امرأةً أخرى بما هو أَرْفَق به إلاَّ ألاَّ يقبل الطفل غير ثَدْيِ أمِّه فتُجْبَر حينئذ على رضاعه بأجْرَة مثلها، ومثل الزوج، فلا تضيع الزوجة ولا يكلّف هو ما لا يطيق.
وفي هذه الآية دليل على أن النفقة تختلف باختلاف الناس، وهو مذهب