سمع أهل السماوات صلصلةً كصلصلة السلسلة على الصَّفْوان، فيفزعون، ويرون أنه مِنْ أمر الساعة
وأصل الحديث في الصحيح.
وفي تفسير علي بن سهل النيسابوري: قال جماعة من العلماء: نزل القرآن جملة ً في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى بَيْب يقال له بيت العزة، فحفظه جبريل، وغشي على أهل السماوات من هيبة كلام الله، فمرّ بهم جبريل، وقد أفاقوا، فقال: ماذا قال ربكم، قالوا: الحق - يعني القرآن - وهو معنى قوله: (حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ) - فأتى به جبريل إلى بيت العِزّة فأمْلاه على السفَرة الكرام - يعني الملائكة، وهو معنى قوله: (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ (١٦).
وقال الْجُوَيني: كلام الله المنَزل قسمان:
قسم قال الله لجبريل: قلْ للنبي الذي أنت مرْسل إليه: إن الله يقول افعل
كذا وكذا، ومُرْ بكذا وكذا.
ففهم جبريل ما قاله ربه، ثم نزل على ذلك النبي، وقال له ما قاله ربه.
ولم تكن العبارة تلك العبارة، كما يقول الملك لمن يثق به:
قل لفلان يقول لك الملك: اجتهد في الخدمة، واجمع جنْدَك للقتال، فإن قال
الرسول يقول لك الملك لا تتهاون في خدمتي، ولا تترك الجند يتفرّق، وحث على المقاتلة - لا ينسب إلى كذب، وتقصير في أداء الرسالة.
وقسم آخر قال الله لجبريل: اقرأ على النبي هذا الكتاب، فنزل جبريل بكلمة
الله من غير تغيير، كما يكتب الملك كتاباً ويسلمه إلى أمين، ويقول: اقرأه على فلان، فهو لا يغَيِّر منه كلمة ولا حرفاً.
قلت: القرآن هو القسم الثاني، والقسم الأول هو السنّة، كما ورد أن جبريل كان ينزل بالسنة كما ينزل بالقرآن.