قلت: فلك أن تسأل وتقول: قد سميت سورة جَرَتْ فيها قصص أنبياء
بأسمائهم، كسورة نوح، وسورة هود، وسورة إبراهيم، وسورة يونس، وسورة آل عمران، وسورة طس سليمان، وسورة يوسف، وسورة محمد صلى الله على جميع الأنبياء، وسورة مريم، وسورة لقمان، وسورة المؤمن.
وسورة أقوام: كسورة بني إسرائيل، وسورة أصحابِ الكَهْف، وسورة الحِجْر، وسورة سبأ، وسورة الملائكة، وسورة الجِن، وسورة المنافقين، وسورة المطَفّفين.
ومع هذا لم يفْرَدْ لموسى سورة تسمّى به، مع كثرة ذكره في القرآن، حتى قال بعضهم: كاد القرآن أن يكون كله موسى، وكان أولى سورة تسمى به سورة طه أو القصص أو الأعراف لبسط قصته في الثلاثة مما لم تبْسط في غيرها.
وكذلك قصة آدم ذكرَتْ في عِّدةِ سوَر، ولم تسمّ به سورة كأنه اكتفي
بسورة الإنسان.
وكذلك قصة الذَّبيح من بدائع القصص، ولم تسَمّ به سورة الصافات.
وقصة داوود ذكرت في (ص) ولم تسم به، فانظر في حكمة ذلك.
على أني رأيت بعد ذلك في جمال القراء للسخَاوي أن سورة طه تسمى سورة
الكلِيم، وسماها الهُذَلي في كماله سورة موسى.
وأن سورة ص تسمى سورة داود.
ورأيت في كلام الجعبري أن سورة الصافّات تسمى سورة الذبيح، وذلك يحتاج إلى مستند من الرأي.
(ليس على الأعْمى حَرَج) : اختلف والمعنى الذي رفع الله
به الحرج عن الأعرج والأعمى والمريض هذه الآية، فقيل: هو في هذه الآية
الغزو، أي لا حَرَجَ عليهم في تأخرهم عنه، وحكمهم عام في كل جهاد إلى يوم القيامة إلا أن يحزب حازب في حصرةٍ ما، فواجب عليهم بحسب الوسْع.
فإن قلت: أما رَفْع الحرج عن هؤلاء في هذه الآية فمفهوم تعقيبه به في عَتْب
المتخلّفين من القبائل، وأما ذكرهم في سورة النور، فلم أفهم له معنى؟
فالجواب: إنما ذكرهم في سورة النور لأنهم كانوا إذا نهضوا إلى الغَزْو