وعكس ابن الزملكاني مقالة الزمخشري، فقال إن (لن) لنفي ما قرب وعدم
امتداد النفي، و (لا) يمتد معها النفي.
قال: وسِرّ ذلك أن الألفاظ مشاكلةٌْ للمعاني، ولأن آخرها الألف فاللام يمكن امتداد الصوت بها بخلاف النون، فطابق كلّ لفظ معناه.
قال: ولذلك أتى بلن حيث لم يرد به النفي مطلقاً، بل في
الدنيا حيث قال: (لن تراني)، وبلا في قوله: (لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) حيث أراد
نفي الإدراك على الإطلاق.
وهو مغَاير للرؤية.
وتَرِد للدعاء، وخرج عليه: (ربِّ بما أنعمْتَ عليَّ فَلَنْ أكونَ ظَهيراً
للمجْرِمين).
(لو) : حرف شرط في المضي تصْرِف المضارعَ إليه، بعكس (إن)
الشرطية.
واختلف في إفادتها الامتناع، وكيفية إفادتها إياه على أقوال:
أحدها: أنها لا تفيده بوجه، ولا تدل على امتناع الشرط ولا امتناع
الجواب، بل هي لمجرد رَبْطِ الجواب بالشرط دالة على التعليق في الماضي، كما دلت إن على التعليق في المستقبل، ولم تدل بالإجماع على امتناع ولا ثبوت.
قال ابن هشام: وهذا القول كإنكار الضروريات: إذ فَهْم الامتناع منها
كالبديهي، فإن كل من سمع " لو فعل " فَهمَ عدم وقوع الفعل من غير تردد، ولهذا جاز استدراكه، فتقول: لو جاء زيد لأكرمته لكنه لم يجئ.
الثاني: وهو لسيبويه، قال: إنها حرف لِمَا سيقع لوقوع غيره، أي تقتضي
فعلاً ماضياً كان يتوع ثبوته لثبوت غيره، والمتوقع غير واقع، فكأنه قال:
حرف يقتضي فعلاً امتنع لامتناع ما كان يثبت لثبوته.
الثالث: وهو المشهور على ألسنة النحاة ومشى عليه المعربون - أنها حرف
امتناع لامتناع، أي يدل على امتناع الجواب لامتناع الشرط، فقولك: " لو جئت لأكرمتك " دالٌّ على امتناع الإكرام لامتناع المجيء.