أو ثلاثاً أو أربعاً.
وفي ذلك منع لما كان في الجاهلية من تزوّج ما زاد على الأربع.
وقال قوم: لا يعبأ بقولهم إنه يجوز الجمع بين تسع، لأن مثنى وثلاث
ورباع مجتمع منه تسعة، وهذا خطأ، لأن المراد التخيير بين تلك الأعداد لا
الجمع.
ولو أراد الجمع لقال " تسع "، ولم يعدل عن ذلك إلى ما هو أطول منه
وأقلّ بياناً.
وأيضاً قد انعقد الإجماع على تحريم ما زاد على الرابعة.
فإن قلت: هل الزيادة لحكمة أم لا؟
فالجواب أن الله تعالى أباح لمن تقدم من
اليهود ستا، وأباح للنصارى اثنتين، فجعل الله لهذه الأمة الأربع، لأنهم خيْر
الأمم، وخير الأمور أوساطها.
هذا لمن قَدَر على العدد، وأما من لم يقدر
فالاقتصار على الواحدة، وما ملكت اليمين أولى، رغبة في العدل، كما قال تعالى:
(ذَلِكَ أدْنَى ألاَّ تَعولوا).
(مَقْتاً) : بغْضاً.
ومنه قوله تعالى: (لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ)، فمقتوا أنفسهم، واعترفوا بذنوبهم.
وجعل كل واحد يلوم صاحبه، فتناديهم الملائكة وتقول: "لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ" اليوم، فقوله: لَمَقْتُ اللَّهِ - مصدرٌ مضاف إلى الفاعل، وحذف المفعول لدلالة مفعول مقتكم عليه، وقوله: (إذْ تدْعون) - ظرف للعامل فيه مقت الله من طريق المعنى، ويمتنع أن يعمل فيه من طريق قوانين النحو، لأن مقت الله مصدر، فلا يجوز أن يفصل بينه وبين بعض صلته، فيحتاج أن يقدّر للظرف عامل، وعلى هذا أجاز بعضهم الوقْف على قوله: أنفسكم، والابتداء بالظرف، وهذا ضعيف، لأن المراعى المعنى.
وقد جعل الزمخشري مَقْتَ اللهِ
عاملاً في الظرف ولم يعتبر الفصل.
وأما قوله تعالى: (إنّه كان فاحشةً ومَقْتاً وساءَ سَبِيلاً).
فكانت العرب إذا تزوّج الرجل امرأة أبيهِ فأولدها يقولون للولد مَقْتِيّ، ولذا
زاد المقت في هذه الآية، لأن هذا المقت أقْبَح من الزنى.
(ما أصابكَ مِنْ حسنَةٍ فَمِنَ اللهِ وما أصابكَ مِنْ سيِّئةٍ فمِنْ نَفْسِك)