وأما كونه أباً لنا فالأَوْلَى نسبتنا لآبائنا، كما قال تعالى: (ادْعوهم
لآبائهم... )، الآية، وسيأتي سِرُّ نسبتنا إلى أبينا إبراهيم، وذلك
أنه أمر بذَبْح ولده، فقال: (إني أرى في المنَامِ أني أذْبَحُك)، فقال الله: يا إبراهيم أرسلتك بالمشاورة، فبعزّتي إن نظرت إليَّ دون الولد، وقطعت عنه قلبك، وسلّمت لأمري لأجعلن أمة محمد أولادك.
قال تعالى: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ).
وأما محمد - ﷺ - فلم ينظر إلى شيء دون الله ألبتة: ليلة المعراج عرض عليه جميع الأشياء فلم يلتفت إلى شيء دونه، وهذا قوله: (ما زَاغَ البَصَر وما طَغَى)، فلما لم ينظر عليه السلام إلى شيء دونه قطع عنه نسب المخلوقين، قال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ)، ولو كان النبي أبانا انقطع عنا لجُرْمِنا، كما أن يعقوب قطع عن أولاده بالجرم، بل كان نبيّاً، فلا يقطع عنا بالْجرم.
ولما كان الأب لا تقبل شهادته لابنه وهو - ﷺ - شهيداً علينا ومزكياً لأعمالنا فتقْبل تَزْكيته.
(معروفاً)، أي إحساناً، يعني أن نَفْع الأولياء الذين
ليسوا بقرابة الوصية لهم عند الموت مندوب إليه، وأما الميراث فللقرابة خاصة.
واختلف هل المراد بالأولياء المؤمنون أو الكفار، واللفظ أعمّ من ذلك.
(مسطورا) : مكتوباً.
(ما تَلَبَّثوا بها إلاَّ يسيرا) : الضمير للمدينة.
(ما وعدَنا اللَّهُ ورسوله إلا غرورا) :
قيل إن هذا الوعد ما أعلمهم رسول الله - ﷺ - حين أمر بحَفْر الخندق من أنَّ الكفار ينزلون عليهم، وأنهم ينصرفون خائبين.
وقيل: إنه قول الله تعالى: (أم حَسِبْتم أن تَدْخلُوا الجنّةَ ولمَّا يَأْتِكم مَثَل الذين خَلَوْا مِنْ قَبْلكم... ).
فعلموا أنهم يبتلون ثم ينصرفون.
(مَنْ قَضَى نَحْبَه) : يعني من قتل شهيداً