وقد حمل بعضهم قراءة الجماعة على أنها من هذا المعنى، لأن
الذهب لا يَفْنَى بالإحراق بالنار.
والصحيح أنَّ المقصود بإحراقه بالنار إفساد صوررته، فيصحّ حَمْل قراءة
الجماعة عليْه.
(نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ).
استعارة لانقلابهم برجوعهم عن الاعتراف بالحق إلى الباطل، يقال نكس فلان: إذا سقط من مكان وارتفعت رِجلاه، ونكس المريض إذا خرج من مرض ثم عاد إلى مثله.
والضمير يعود على قوم إبراهيم لمّا وجدوا الفأس معلّقاً في عُنق كبيرِ
أصنامهم فسألوه، فقال: (فَعله كَبِيرهم هذا).
(نُشوراً)، أي الحياة بعد الموت.
ومنه: (وإليه النّشور).
(نمَكِّنْ لهم حرَماً آمِناً) :
هذا ردّ على قريش من اعتذارهم في تخطّف الناس لهم إنْ آمنوا.
والمعنى أنَّ الحرم لا تتعرض له العرب بقتالٍ، ولا يمكَن اللهُ أحداً من إهلاك أهله، فقد كانت العرب تغير بعضها على بعض، وأهل مكة آمنون من ذلك.
(نعَمِّركم ما يتَذَكَّر فيه مَنْ تذكَّر وجاءكم النذِير) :
هذا من قولِ الله لأهل النار القائلين: (رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ).
وهو قول أهل الطبقة الخامسة، لأنه صح أن أهل " الأولى " يقولون: يا
حنّان يا منّان، وهم العصاة من هذه الأمة، "
والثانية " تقول: (رَبَّنَا غلبت علينا شِقْوَتنا وكنّا قوماً ضَالّين).
والثالثة " تنادي: (ربنا أخْرِجنا منها فإن عدْنَا فإنا ظالمون).
والرابعة " تنادي: (رَبَّنَا أخِّرْنَا إلى أجل قريب نجِبْ دعوتك).
والسادسة " تقول: ادعُ لنا ربَّك يخفّفْ عنا يوماً من العذاب).
والسابعة تنادي: (يا مالك ليقض علينا ربُّك).
فيجاوب كلّ أحدٍ بما يليق به، فهؤلاء قال لهم: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ).
وهو نبيُّنا ومولانا محمد - ﷺ -.
وقيل: الشيب، لأنه نذير بالموت.
والأوّل أظهر.