وإشارة التائبين إلى الفلاح: (وتوبوا إلى الله جميعاً).
وإشارة أهل الكتاب إلى الفلاح: (يا أهل الكتاب تعَالوا إلى كلمة).
وإذا أردت محبةَ الله لعباده فانظر كيف خفَّف المعصية َ على النفس، وثقل
عليها الطاعة، ليكون لها حجة، ويقبل عذرها إذا رجعَتْ إليْه، فاللهُ يُثيبُ
المطيعَ بغاية الثواب للامتثال، ويعاقب الكافر بأقبح العقوبة للمخالفة، والعاصي يعاقبه في الدنيا بأنواع الأمراض والأسقام حتى في قطع شِسْع نعْله إن لم يتبْ، حتى يلقى الله ولا ذَنْب عليه.
قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ).
(عاهدتُم من المشركين) :
إنما أسند العَهْد إلى المسلمين، لأن فعْل الرسول - ﷺ - لازم للمسلمين، فكأنهم هم الذين عاهدوا المشركين، وكان
- ﷺ - قد عاهد المشركين إلى آجال محدودة، فمنهم مَنْ وفى، فأمر الله أن يتمَّ عهدَه إلى مدته، ومنهم مَنْ نقض أو قارب النقض، فجعل له أجل أربعة أشهر، وبعدها لا يكون له عهد.
(عَاهدْتَ منهم) : يريد بني قُرَيظة.
(على سَوَاءٍ)، أي على مَعدلة.
وقيل معناه أنْ تستوي معهم في العلم فتنقض العهد.
(عَرَضاً قريباً) :
هذا الكلام وكثيرٌ مما بعده في هذه السورة في المنافقين الذين تخلَّفُوا عن غزْوَة تبوك، وذلك أنها كانت إلى أرض بعيدة، وكانت في شدة الحرِّ وطيب الظلال والثمار، فثقلت عليهم، فأخبر الله في هذه الآية أنَّ السفر لو كان لعرض الدنيا أو مسافة قريبة لاتّبعوه.
(عفَا الله عنك لِمَ أذنْتَ لهم) :
قدَّم الله العفْو لنبيّه قبل عتابه، إكراماً له وجَبْرًا لقلْبه أن ينصدع، وذلك لخوفه من ربه، كأنه قال: أصلحك الله يا محمد، لِمَ أذِنْتَ لهم في التخلّف عن الخروج معك حتى يتبيّن لك الذين صدَقوا وتَعْلم الكاذبين، لأنهم قالوا نستأذنه في القعود، فإن أذِن لنا