وقيل معنى الكلام تربيتك نعمة عليَّ، لأنك عَبَّدْتَ بني إسرائيل.
وتركتني، ففي المعنى الأول إنكار لنعمته، وفي الثاني اعتراف بها.
(عَوْراتٍ لكم) : معنى العورة الانكشاف فيما يكره كَشْفه، ولذلك قيل عورة الإنسان، وهي ما بين السرة إلى الركبة، وضمير خطاب
الجمع يعود على جواز الانكشاف في غير هذه الأوقات الثلاثة، وهي قبل
الصبح، وحين القائلة وسط النهار، وبعد صلاة العشاء الآخرة.
وقد قدمنا في حرف الثاء أنَّ هذه الآية محكمة، وقول المستأذن للنبي - ﷺ - في الانصراف واحتجاجه: إن بيوتنَا عَوْرة - فمعناه منكشفة للعدوّ، وخالية، وقيل خالية للسراق، فكذَّبهم الله في ذلك بقوله: (إنْ يريدون إلا فرارًا) منك يا محمد.
(عَرَاء) : الأرض التي لا شجر فيها ولا ظلّ.
وقيل يعني الساحل.
(على شَرِيعةٍ من الأمْرِ)، أي على ملّة ودين.
(عارضاً مستَقْبِلَ أوْدِيتهم) : قد قدمنا أن العارضَ السحاب، والضمير يعود على قوم عاد، فلما رأوْا هذا العارِضَ ظنّوا أنه مطر، ففرحوا به، فقال لهم هود: (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٤) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا) - عموم يراد به الخصوص.
(عَرَّفها لهم) : الضمير يعود على أهل الجنة، يعني أَنّ الله عرفهم
منازلَهم فيها، فهو من المعرفة، ولذلك صح في الحديث: "إن أحدهم أعرف
بمنزله فيها من معرفته بمنزله في الدنيا".
وقيل: إن الله طيَّبها لهم، فهو من العَرْف، وهو طيب الرائحة.
وقيل معناه شرَّفَها ورفَعها، فهو من الأعراف التي هي الجبال.
(عاصف) : ريح شديدة.
والعَصْف ورق الزرع.
وقيل التبن والرَّيحان.
وقيل هو الريحان المعروف.
وقيل كل مشموم طيِّب الريح من النبات.