عما قبله فيكون سمّاعون الأول راجِعاً إليهم خاصة، فكرّر الثانية تأكيداً.
وبالجملة - فالآيةُ خطابٌ للنبى - ﷺ - على وجه التسلية.
وأما قوله في براءة:
(فيكم سمّاعون لهم)، فمعناه خطاب للصحابة بأنهم يسمعون
كلامَ المنافقين في إخبارهم بابتغائهم فتنتكم، وتنقلونها لإخوانكم المؤمنين، وهم معْ لك طالبون فسادكم.
وقيل سمّاعون، أي يتجسسون لهم الأخبار.
(سأرِيكم دارَ الفاسقين)، أي دار فرعون وقومه، وهو مصر، فالمعنى أريكم كيف أقفرت منهم لما هلَكُوا.
وقيل: منازل عاد وثمود ومن هلك من الأمم المتقدمة ليعتبروا بها.
وقيل جهنم.
وقرأ ابن عباس بالثاء المثلثة -: " سأورثكم " من الوراثة، وهي على هذا مصر كما قدمنا.
(سأصْرِف عن آياتي الذين يتكبَّرُون في الأرض بغير الحقّ) :
يحتمل أن يريد بها آيات القرآن وغيره من الكتب فيطمس الله فَهْمَها.
والتدبّر في معانيها على المتكبرين، وهذا كقوله: (واتَّقُوا اللهَ ويعلِّمُكم الله).
وفي الحديث: العلم نور يضَعُه الله في قلْبِ الخائف.
وفيه: " مَن عمل بما علم أورثه الله عِلْمَ ما لم يعْلم ".
مَنْ لم يتّق الله يصرفه عن فَهْم آياته، ويصده عن الإيمان عقوبة له على تكبّره.
وقيل: الصرف منعهم عن إبطالها.
(سكتَ عَنْ موسى الغَضَب)، أي سكن، وبذلك قرأ بعضهم
والغضب: شعلة نار، وهو مذموم، مَنْ وجده فليستعِذْ بالله منه، وإن
كان قائما جلس، وإن كان جالساً فليَضْطَجع، وغضبُ موسى إنما كان لله في غضبه ِعلى اتخاذ العِجْل في غيبته إلى الطور، فلما رجع ألْقَى الألواحَ التي كانت عنده لما لحقه من الدهش، وأخذ برأس أخيه هارون يجرُّه، لأنه ظن أنه فرَّط في كفِّ الذين عبَدُوا العجل، فقال: (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي)، الآية، فسكن حينئذ موسى.
وإنما دعاه هارن بأمِّهِ، لأنه أدْعَى إلى العطف والحنوّ.
وقرئ ابن أمِّ بالكسر على الإضافة