والجواب: لأَن المراد في الأولى السفيه المتصير إليه المال بإرث، ولا يحسن
القيام عليه، فيحجر عليه ماله إبقاءً عليه، ولا يمكَّن منه إلا بقَدْر ما يأكله
ويلبسه، فالنَّهْى إنما هو للأوصياء، ونسبتة المال إليهم مجاز بما لهم فيه من
التصرف والنظر.
أمّا هذه الآية فليست في شأن أحوال السفهاء وحكمها، وإنما
المراد بها المقتسمون لميراثٍ يخصهم لا حقَّ فيه لغيرهم، فيحضر قريب فقير ويتيم محتاج، فندِبوا إلى التصدق عليهم والإحسان، لا حقَّ لهم في الميراث ولا في المال، فمن أين تلزم كسوتهم والتنصيص عليها، إنما ندبوا إلى الإحسان إليهم فالعَفو عما يخف عليهم وَسعِ ذلك كسوتهم أو لم يَسع، فافترق مقصودُ الآيتين.
وجاء كلٌّ على ما يناسب.
(وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) :
ابن عباس: الرفيق في السفر.
علي بن أبي طالب: الزوجة.
(وأولي الأَمرِ منكم) : هم الولاة، وقيل العلماء.
ونزلت في عبد اللَه بن حُذافة بعثه رسول الله - ﷺ - في سَرِيَّة.
(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ) :
قيل هم المنافقون.
وقيل قوم من ضعفاء المسلمين، كانوا إذا بلغهم خَبَرٌ عن السرايا
والجيوش وغير ذلك تكلّموا به وأَشهروه قبل أن يعلموا صحَّتَه، وكان في
إذاعتهم له مفسدة على المسلمين مع ما في ذلك من العجلة، وقلة التثبت، قأنكر اللَه عليهم ذلك.
(وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) :
معنى الآية أنَّ المقتول خطأ إن كان قومه كفّارًا معاهدين، ففي قَتْله تحرير رقبة والديَّة إلى أهله لأجل معاهدتهم، والمقتول على هذا مؤمن، ولذلك قال مالك: لا كفّارة في قَتل الذمِّي.
وقيل: إن المقتول في هذه الآية كافر، فعلى هذا تجبُ الكفّارة في قتل الذمي.
وقيل: هي عامة في المؤمن والكافر، واللفط مطلق إلا أنه قيّده قوله:
(وهو مؤمن) في الآية قبلها.
وقرأ الحسن هنا وهو مؤمن.