عباده، فإنهم لا يستطيعونه، وإذا كان الصادق المصدَّق يعدل بين نسائه مع أن الله لم يأمره بذلك، بل كان يتطوع لهنَّ بذلك، ويقول: اللهم هذا فِعْلي فيما أَمْلك فلا تؤاخذني فيما لا أملك، يعني ميلهْ بقلبه، والأمْر القلبي مرفوع عن الحرج، وخصوصاً للمحسنة منهنَّ، فإن القلوبَ جُبلت على حبِّ مَنْ أحسن إليها وكراهةِ من أَساء إليها، هذا أمر جليٌّ.
وقد قدمنا أن الحبَّ يتوارث والبغض يتوارث.
وقيل: إن الآية نزلت في مَيْله - ﷺ - بقلبه إلى عائشة، فمعناها على هذا اعتذار من الله تعالى عن عباده.
(ولو عَلَى أَنْفسكم) :
يتعلق ب (شهَداء)، وشهادة الإنسان على نفسه هي إقرارُه بالحق، ثم ذكر (الوالدين والأقربين)، إذ هم مظنّة التعصب والميل، فإقامة الشهادة على الأجنبيين من باب أحرى وأولى.
(وإن تَلْوْوا أَؤ تعرِضوا) :
قيل: إن الخطاب للحكام.
وقيل للشهود، واللفظ عام في الوجهين.
والليُّ: هو تحريف الكلام، أي إن تَلْووا عن الحكم بالعدل، أو عن الشهادة بالحق، أو تعرضوا عن صاحب الحق، أو عن المشهود له - فإنه خبير بما تعملون.
وقرئ تَلُوا - بضم اللام من الولاية، أي إن وليتم إقامةَ الشهادة أو أعرضتم
(وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) :
روي أنه لما وقع قَتْل المشبّه بعيسى قالوا: إن كان هذا المقتول عيسى فأين صاحبنا، وإن كان هذا صاحبنا فأين عيسى، فاختلفوا، فقال بعضهم: هو هو.
وقال بعضهم: ليس هو، فأجمعوا أَنّ شخصاً قتل، واختلفوا مَنْ كان.
فإن قيل: كيف وصفهم بالشكّ، ثم وصفهم بالظن، وهو ترجيح أحَدِ
الاحتمالين؟