(ويعْبدونَ مِنْ دون الله ما لا يضرُّهم ولا يَنْفَعهم) :
الضمير عائد على الكفار من قريش الذينَ تقدمَتْ محاورتهم، فأخبر الله أنّ
أصنامهم لا تضر ولا تنفع.
وردّ على منْ زعم نَفْعَهم لهم.
وقدم الضر هنا لتناسب الوارِدَ مِنْ متصل قوله: (ولا ينفعهم) بقوله:
(ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله).
(ومنهم من يؤْمِن به) :
أخبر الله فيها بما يكون منهم في المستقبل.
وقيل: إنَّ بعضهم يؤمن وهو يكْتم إيمانه، ومنهم من يكذب.
(ومنهم مَن يئظر إليكَ أَفأنتَ تَهدِي العُميَ) :
المعنى أتريد أن تهدي العمي، وذلك لا يكون.
فإن قلت: ما الفرن بين (من) في الاستماع وبين هذه، لأنه جاء أولاً بلفظ
الجمع وهنا بلفظ الإفراد؟
فالجواب: أن المستمع إلى القرآن كالمستمع إلى النبي - ﷺ - بخلاف النظر، فكان في المستمعين كثرة، فجمع ليطابق اللفظ المعنى، ووَحّد ينظر حملاً على اللفظ، إذ لم يكثروا كَثْرَتهم.
وقد قدمنا أنه إذا جاء الفعل على لفظ " من " فجائز أن يعطف عليه آخر على معناها، وإذا جاء أَولاً على معناها فلا يجوز أن يعطف بآخر على اللفظ، لأن الكلام يلتبس حينئذ، وكأنه قال: ومنهم من يَنْظر إليك ببصره، لكنه لا يعتبر، ولا ينظر ببصيرته، فهو لذلك كالأعمى فسلاه الله بهذه الآية، والهداية إنما هي بيد الله، ولو شاء الله لجمعهم على الْهدَى.
(وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذَا جَاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ).
قال مجاهد: المعنى فإذا جاء رسولهم يوم القيامة للشهادة عليهم
صُيِّرَ قَوْم للجنة وقوم للنار، فذلك القضاء بينهم بالقسط.
وقيل: المعنى فإذا جاء رسولهم في الدنيا وبعث صاروا ممن ختم اللَّهُ بالعذاب لقومٍ والمغفرة لآخرين