(ولقد أرْسلْنَا موسى بآيَاتِنَا وسلْطَان مُبين) :
قيل هو مشتق من السليط الذي يستضاء به.
وقيل: إنه مسلط على كل منّا ومخاصم، وزاد السلطان في هذه الآية وفي سورة غافر زيادة قوله: (وسلطان مبين)، وورد في سورة يونس، والمؤمنين، ذكر تأييد موسى بأخيه هارون عليهما السلام، ولم يرد ذلك في غيرهما.
وانفردت سورة المؤمنين بالْجَمع بين تأييده عليه السلام بأخيه وسلطان مبين، لأنه حيث يذكر سورة المرسل إليهم وقبْح جوابهم يقال أبداً بتأييده بأخيه أو عضده بالآيات مما يقتضي القَهْرَ والإرغام، وهو المعبَّر عنه بالسلطان المبين، فيكون ذلك في مقابلة شَنِيع مجاوبتهم وسوء رَدِّهم.
وبالجملة فإنه إذا اجتمع إفصاحهم بالتكذيب واستكبارهم جمع في التمهيد
المتقدم بين التأييد بهارون والسلطان المبين، وحيث يصرح بالتكذيب أو ما يعطيه بينا، كقوله: (فاتبَعوا أمْرَ فِرْعون).
(وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ) :
هذا المجروو في موضع الحال من (ربك) ويحتمل أن يريد بظلم منه تعالى لهم.
قال الطبري: وقيل يحتمل أن يريد بشرك منهم، وهم مصلحون في أعمالهم وسيرهم وعَدْل بعضهم في بعض، أي أنهم لا بد من معصية تقترن بكفْرهم.
وهذا ضعيف، وإنما ذهب قائله إلى نحو ما قيل إن الله تعالى يمْهل الدّوَل على الكفر، ولا يمْهلهَا على الظلم والجور، ولو عكس لكان ذلك متَّجِهاً، أي ما كان الله ليعذِّبَ أمة بظلم في معاصيهم وهم مصلحون في الإيمان.
والاحتمال الأول أصحُّ إن شاء الله.
وجيء بالفعل هنا (ليهلك) إشارة إلى التكرر بحسب ما يكون منهم، فلو
كان في كل أمة وقَرْن مَنْ يَنْهَى عن الفساد والظلم لما أخذوا بذوي الظلم منهم ولكن الله تعالى يدفَع ببعضهم عن بعض، ولكن تكرر الفساد، وعَمّ كل قَرْن، فتكرر عليهم الجزاء والأَخذ، فأشار بالفعل إلى التكرر، ولم يكن قوله، (مهلك) في سورة القصص ليعطي ذلك وهنا كقوله تعالى:


الصفحة التالية
Icon